دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

د. سميرة المبيض: إجراء الانتخابات الرئاسية تصرف غير مسؤول.. واللجنة الدستورية بشكلها الحالي تعتبر معطلة

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في ظل ما تعيشه سوريا من أزمات اقتصادية وقطيعة سياسية من دول الجوار والغرب، وإعلان المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بعدم “شرعية” الانتخابات الرئاسية في البلاد في ظل الدستور الحالي الذي وضع عام 2012، وفي الوقت الذي يتم فيه الحديث عن جولة جديدة من اجتماعات “اللجنة الدستورية”، إلا أن الحكومة ماضية في التحضير “للاستحقاق الدستوري”.

وأعلن رئيس مجلس الشعب، حموده صباغ، أسماء 3 من المتقدمين الجدد بطلبات ترشح إلى منصب الرئيس، بينهم سيدة، ليرتفع عدد المتقدمين إلى 17، وأفاد “صباغ”، أن المجلس تبلغ من المحكمة الدستورية العليا بتقديم طلبات جديدة للمرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، ما يرفع عدد الطلبات المقدمة حتى، يوم الأحد، إلى 17 طلباً.

ويشدد محللون سياسيون على أن الانتخابات الرئاسية في سوريا في ظل ما تعانيه البلاد من ظروف ما هو إلا “تعامياً عن الواقع بفشل الدولة السورية وتصرف غير مسؤول يسعى لإعادة انتاج المنظومة التي تسببت بالأزمة”، مشيرين إلى أن الانتخابات الرئاسية “لن تغير من الوقع السوري شيئاً”.

وخلال حديث خاص مع العضوة في اللجنة الدستورية السورية، فئة المجتمع المدني، الدكتورة سميرة المبيض، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” تساؤلات عدة، حول تقييم إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل الظروف الراهنة، وكيف ستؤثر هذه الانتخابات في الواقع بالبلاد، وكيف سيتم التعامل مع “اجتماعات الدستورية”.

وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الدكتورة سميرة المبيض:

 

– كيف تقيم إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا في ظل هذه الظروف ؟

يعتبر اجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا في هذه الظروف تعامياً عن الواقع الذي يتسم بفشل الدولة السورية، وببلد تدمرت بناه التحتية وتم تهجير نصف شعبه لبلدان اللجوء أو المخيمات، كذلك حال الفقر والمعاناة التي تلقي بثقلها على أكثر من ثمانين بالمئة من الشعب السوري اليوم، يُضاف لذلك تواجد جيوش وقوى خارجية وميليشيات على الأراضي السورية وحالة عسكرة المجتمع السائدة والتي تدفع نحو المزيد من الاستقطابات والصراعات التي يذهب ضحيتها الشباب السوري وقود حرب وتستنفذ الموارد السورية في تدمير ذاتي مستمر.

جميع هذه العوامل تجعل من خطوة اجراء انتخابات رئاسية تصرفاً غير مسؤول يسعى لإعادة انتاج المنظومة المولدة والمتسببة بهذه الكوارث عوضاً عن العمل على التغيير الجذري الذي يمنع تفاقم حالة التدهور والتقهقر.

– هل ستغير الانتخابات الرئاسية من الواقع الحالي في البلاد وسط رفض دولي ؟

لا، لن تغير الانتخابات الرئاسية من واقع البلاد لأن استمرارية المنظومة المتسببة بهذا المآل والمصير تؤدي بشكل بديهي لاستمرارية ثلاث عوامل تصنع هذا الواقع.

الأول هو موقف السوريين الرافضين للعودة لحكم شمولي عمل على تهجيرهم وحرمانهم من حقوق المواطنة المتساوية لعقود طويلة، تلاها صراع مباشر وتهجير قسري واعتقالات وانتهاكات هو موقف ثابت سيستمر بعد الانتخابات مرسخاً حالة الانقسام المجتمعي والجغرافي والسياسي والعسكري التي تسود منذ عقد من الزمن.

العامل الثاني هو حالة الاستقطاب المولدة للتشدد ولظهور تيارات راديكالية واستجرارها للأراضي السورية، وبالتالي استمرارية انعدام الاستقرار والامن وتعرض الإنسان السوري للانتهاكات في جميع المناطق دون استثناء.

العامل الثالث هو استمرارية العقوبات الدولية المفروضة على نظام الأسد نتيجة الانتهاكات الإنسانية وجرائم الحرب التي تم ارتكابها بحق السوريين في العقد المنصرم، وبالتالي فستبقى سوريا بحالة تقهقر اقتصادي وما يترافق معه من تراجع على مستوى الأمن الغذائي والصحي والاقتصادي.

– هل بقاء الرئيس السوري بشار الأسد على سدة الحكم يعتبر خيار توافقي دولي وإقليمي ؟

لا، بقاء بشار الأسد في سدة الحكم لغاية اليوم سببه الرئيسي أن بقية أطراف المعارضة الرسمية التقليدية تُشكل جزءاً من نفس المنظومة الأيديولوجية السائدة سابقاً، تيارات الإسلام السياسي، التيارات اليسارية الراديكالية بمختلف مسمياتها والتيارات القومية بمختلف توجهاتها، وهي بمجملها لا تستطيع بناء دولة حيادية تجاه جميع المواطنين لتحقق العدالة والمساواة لجميع السوريين ولا تستطيع الانخراط في مستقبل مستقر وآمن للمنطقة بحكم كونها قائمة على استقطابات الغائية وتنازعية. فكانت نتائج تحكم هذه المنظومة بأطر الحراك السياسي والعسكري هي تقاسم قوى أمر الواقع التابعة لها لمناطق نفوذ متنازعة على الأراضي السورية.

تغيير بشار الأسد مرتبط بتحقيق تغيير جذري في منظومة بائدة، سلطوية فاسدة، لم تحقق الاستقرار لشعوب المنطقة بأي وقت كان ولن تحققه في المستقبل، وبتحقيق الانتقال لدولة حديثة معاصرة مواكبة لتحديات اليوم على الصعيد الإنساني والعالمي.

– هل من الممكن إجراء الانتخابات الرئاسية في المناطق السورية الخارجة عن سيطرة الحكومة ؟

لا، المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة لا تعترف بشرعية إقامة مثل هذه الانتخابات نتيجة لمواقف السوريين ضمنها ومواقف قوى النفوذ المسيطرة عليها أو المهيمنة على قرارها.

– هل تعتقد إن إجراء الانتخابات وفق دستور عام ٢٠١٢، يعني وأد اللجنة الدستورية السورية ؟

اللجنة الدستورية بشكلها الحالي وآلية عملها تعتبر مُعطلة بسبب منع النظام لأي تقدم ضمنها، اجراء الانتخابات وفق دستور عام 2012، يعني إخلال النظام بما ورد في الاتفاقات الدولية بأن الانتخابات تتم بناء على دستور سوري جديد وهو بذلك ينقض التزامه باللجنة الدستورية، لكن ذلك لا يعني وأدها بل تقويم مسارها لتستطيع القيام بالمهمة العملية الموكلة لها بصياغة دستور سوري جديد بمسار بعيد عن تعطيل النظام وهيمنته على قرار ومسار اللجنة الدستورية.

– هل يمكن اعتبار الانتخابات الرئاسية مرحلة انتقالية لرسم مشروع روسي لإنهاء الأزمة في البلاد ؟

لا.. اعتقد بوجود مشروع تابع لجهة دولية محددة حول مستقبل سوريا، بل تصور يضمن مصالح كافة الدول التي انخرطت وتنخرط بالشأن السوري ويضمن وجود استقرار يسمح بالبدء بالنهوض الاقتصادي ومواكبة التغيير في المنطقة والعالم، وهذا التصور تم التوافق عليه من كافة الدول عبر القرارات الدولية بوجود مرحلة انتقالية تضمن دستور سوري جديد تليه انتخابات، لذلك تعتبر الانتخابات الرئاسية بعيدة عن هذا التوجه على كافة النواحي.

حوار: ربى نجار