دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

مستقبل حلف الشمال الأطلسي في ظل الانقسامات بين الأعضاء والجنوح التركي نحو روسيا

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – عكست تصريحات الرئيس الفرنسي، أيمانويل ماكرون الأخيرة، حول مستقبل حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، حالة الترهل التي يعيشها الحلف مع بلوغه “العقد السبعين”، متأثراً بالخلافات والانقسامات بين أعضائه، لاسيما في عهد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يتخذ شعار “أمريكا أولاَ” وقراره المفاجئ الانسحاب من سوريا، وما أعقبه من هجمات تركية على الشمال السوري دون التنسيق مع بقية الحلفاء.

الرئيس الفرنسي يحذر من موت “الناتو” بسبب تركيا والولايات المتحدة

أثار تصريحات الرئيس الفرنسي، أيمانويل ماكرون، والذي اعتبر أن حلف الشمال الأطلسي (الناتو) في حالة “موت دماغي” تساؤلات حول مستقبل الحلف، في ظل السياسة الأحادية التي يتبعها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والسلوك التركي الذي يقوض مصالح أعضاء الحلف، ويعزز مكانة روسيا الإقليمية والدولية.
وقال ماكرون، في مقابلة مع مجلة “الإيكونيميست”، نُشرت الخميس، إن غياب القيادة الأميركية يتسبب في “موت دماغي” لحلف شمال الأطلسي، كما حثّ الدول الأوربية على البدء في العمل لتأسيس قوة أوروبية ذات قدرة ذاتية واستراتيجية.
ويبدو أن مادفع الرئيس الفرنسي، لهذه النتيجة هي التطورات الأخيرة في شمال سوريا، التي شهدت هجوماَ تركياً وانسحاباً للقوات الأميركية. وأوضح في هذا الصدد أن الولايات المتحدة تبدي مؤشرات على “إدارة ظهرها لنا”؛ مستشهداَ بانسحاب القوات الأمريكية “غير المتوقع” من شمال شرق سوريا.
وأضاف ماكرون: “ليس هناك أي تنسيق للقرار الاستراتيجي للولايات المتحدة مع شركائها في حلف شمال الأطلسي، كما أننا نشهد عدواناً من شريك آخر في الحلف، تركيا، في منطقة تتعرض مصالحنا فيها للخطر، من دون تنسيق” وذلك في إشارة إلى الهجوم التركي الأخير على شمال سوريا.

ترامب أهمل “حلف الأطلسي” بسبب عدم التزام الأعضاء بالأعباء المالية بالشكل المطلوب

ترامب من جهته يوجه انتقادات حادة للدول الأوروبية ضمن “الناتو” بسبب عدم التزامهم بالأعباء المالية بالشكل المطلوب، على قطاع الدفاع داخل الحلف. كما أن الدعوات من قبل رؤساء بعض الدول الأوروبية؛ وفي مقدمتهم فرنسا وألمانيا، إلى تشكيل جيش أوروبي لتأمين الاستقلالية الدفاعية، في مواجهة تصاعد الخصوم (الصين، روسيا والولايات المتحدة)، أزعجت الإدارة الأمريكية، حيث اعتبر ترامب أن التقارب الأوروبي مع أمريكا إهانة بوضعها في خانة واحدة مع الصين وروسيا.
وحول الهجوم التركي الأخير على الشمال السوري تساءل ماكرون، عن مستقبل المادة 5 من معاهدة الحلف؛ الذي يلزم الأعضاء الدفاع المشترك إذا تعرض أحدهم لاعتداء، في حال رد الجيش السوري وهاجم القوات التركية.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا والهجوم التركي، أديا إلى التضحية بقوات سوريا الديمقراطية الشركاء على الأرض في محاربة داعش، وتعزيز مكانة روسيا بشكل أكبر في تلك المنطقة.

دول أوروبية تدعو لإنشاء “جيش ذاتي” وتؤسس قيادة عمليات مشتركة إقليمية
إلى ذلك تشير تقارير إعلامية إلى قيام دول أوروبية عدة بخطوات عملية نحو تأسيس قيادة عمليات مشتركة قد تشكل خطوة أولى نحو الانفصال عن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. حيث تم مؤخراً توقيع مذكرة تفاهم خاصة في مقر الناتو في بروكسل، لإنشاء قيادة إقليمية لقوات العمليات الخاصة؛ للتدخل السريع في مواجهة الإرهاب في شبه جزيرة البلقان، ومن غير المستبعد؛ أن تكون القيادة الإقليمية مجرد تجربة، فبالنظر إلى موقف ألمانيا وفرنسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى بشأن بناء نظام الدفاع الأوروبي، فإن ذلك تعد خطوة أولى نحو تشكيله لعموم أوروبا من دون مشاركة أمريكا، بحسب خبراء.

التقارب التركي مع روسيا وإيران والتخلي الأمريكي عن الحلف أدى إلى تشرذمه

حالة الانقسام الراهنة داخل حلف شمال الأطلسي، على خلفية العدوان التركي على سوريا، والانسحاب الأمريكي منها ليست جديدة؛ وإن كان العامل المشرذم لها هي تركيا والولايات المتحدة، في ظل قيام أنقرة بشراء منظومة الصواريخ الروسية “إس 400″، وكذلك انضمامها إلى محور “أستانا”، مع روسيا وإيران، لحل الأزمة السورية، كبديل لمسار “جنيف” الذي يمثل رؤية حلفائها الغربيين للحل في سوريا، ما اعتبر انتصاراً لروسيا، التي أصبحت صاحبة القرار في الملف السوري.
أما العنصر الأخر المسبب لهذه الشرذمة داخل الحلف الأطلسي، فهو التهديد الأمريكي بالتخلي عنه، خاصة في عهد الرئيس، دونالد ترامب، على خلفية رفض الدول الأعضاء الوفاء بالتزاماتهم المالية تجاه “الناتو”، الأمر الذي ساهم في إثارة تساؤلات حول مستقبل الحلف.
كما أن تعزيز القوات الأمريكية في بولندا مؤخراً، دون التنسيق مع أعضاء “الناتو”، وكذلك قرار ترامب الانسحاب من سوريا، أثار المخاوف الأوروبية حول مستقبل الحلف، حيث وجد أعضاء أوروبيون ضمن التحالف الدولي أنفسهم وحيدين، إثر الانسحاب الأمريكي من سوريا، في مواجهة الهيمنة الروسية على الموقف في سوريا.

خبراء: مستقبل مظلم ينتظر حلف الشمال الأطلسي “الناتو”

ويرى خبراء أن مستقبلاً مظلماً ينتظر حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، في ظل الجنوح التركي نحو روسيا ودول شرقية أخرى كـ إيران، وكذا المسار الأحادي الذي تتبعه الولايات المتحدة، ما دفع بعددٍ من قادة الدول الأوربية للبحث عن البديل، وبدا ذلك واضحاً، العام الماضي، خلال تصريحات عدد من رؤساء دول “الناتو” الأوربيين الذين انتقدوا الهجوم التركي “غير المنسق” على منطقة عفرين السورية، وفيما بعد إعلان الرئيس الفرنسي، أيمانويل ماكرون، عن الحاجة إلى تشكل جيش أوروبي موحد، والذي انضمت إليه المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، الأمر الذي سيؤدي إلى فض معاهدة شمال الأطلسي التي تم التوقيع عليها في واشنطن في 4 ابريل سنة 1949.