أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ سنوات طويلة تسعى تركيا لتجمع فصائل المعارضة السورية المسلحة ضمن كيان وجسد عسكري موحد، تكون الجهات الصادرة للأوامر واحدة و تخضع لها الفصائل بشكل عام، إلا أنها لم تنجح بذلك، بسبب الخلافات الكبيرة بين فصائل المعارضة.
لماذا كل هذا الخلاف ؟
ورغم أن هدفهم والجهات التي يقاتلونها واحدة، إلا أن هذه الفصائل مختلفة فيما بينها بشكل كبير، ولا علاقات ودية تربطها ببعضها البعض، حتى أن هذه الخلافات تكون في جسد الفصيل ذاته، حيث اندلعت مرات عدة اشتباكات بين عناصر ضمن فصيل واحد، والخلاف عادة ما يكون أما على تقاسم الأموال و الممتلكات المستولى عليها أو خلافات حول بسط النفوذ.
وعادة ما تكون فصائل المعارضة المسلحة موحدة في أي عملية عسكرية تركية تشنها في سوريا سواءً ضد قوات الحكومة أو قوات سوريا الديمقراطية، وهذا كان جلياً في العمليات العسكرية التركية السابقة سواءً في إدلب (درع الربيع) و عفرين وريف حلب (غصن الزيتون و درع الفرات) و الحسكة وتل أبيض (نبع السلام)، إلا أن ذلك يكون آنياً وبعد الانتهاء من أي عملية تعود الخلافات والاقتتالات.
“إنهاء حالة الفصائلية” .. واقتتال متجدد
وقبل شهرين أعلنت عدة فصائل معارضة الاندماج تحت مسمى “الجبهة الوطنية للتحرير” وهذه الفصائل هي: فرقة المعتصم – فرقة الحمزة – الفرقة 20 – لواء صقور الشمال – فرقة السلطان سليمان شاه”. حيث قالت قيادات تلك الفصائل أن هذا التشكيل هدفه “إنهاء حالة الفصائلية والانقسامات والاقتتالات” وإنهاء حالة الفلتان الأمني في مناطق سيطرتها ومحاربة قوات الحكومة السورية وسوريا الديمقراطية.
وخلال الساعات الـ24 الماضية، شهدت مناطق عدة في ريفي الرقة وحلب، اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة المسلحة، مع الحديث عن أن القيادي في “فرقة الحمزة” المدعو أبو حاتم شقرا أمر عناصره بطرد أحد الفصائل من ريف عفرين والاستيلاء على مقراتهم العسكرية.
وفي التفاصيل، شهد ريف مدينة عفرين اشتباكات عنيفة بين عناصر فصيل “فرقة الحمزة” على خلفية اعتقال أحد القيادات ويدعى “علاء جنيد”.
كما اندلعت اشتباكات بين عناصر “فيلق الشام” أنفسهم تركزت في قرية ميدانكي بريف عفرين، على خلفية تقاسم المسروقات، بحسب مصادر محلية خاصة، ولم ترد أي معلومات عن خسائر بشرية بعد.
بينما اندلعت اشتباكات بين “لواء الخطاب” و “فصيل أحرار الشرقية” في بلدة حمام التركمان ببلدة سلوك بريف الرقة، استخدم خلالها الأسلحة الثقيلة، وسط أنباء أكدت قصف لواء الخطاب لمشفى البلدة بعد رفض استقبال جرحى الفصيل، وقالت مصادر خاصة لشبكة “أوغاريت بوست”، مساء الخميس، أن الاشتباكات أسفرت عن قتلى بينهم مدنيين، وإصابات جرى نقل بعضها إلى تركيا لخطورتها.
أبو شقرا يأمر بطرد “فيلق الشام”
وأكدت المصادر أن “أحرار الشرقية” سيطرت على صوامع الجفجي “الصخرات” جنوب مدينة تل أبيض بعد اشتباكات مع “فيلق الشام”، وذلك بسبب الخلاف على تقاسم مناطق النفوذ، حيث ترغب أحرار الشرقية الدخول لمقرات مجموعات مسلحة تابعة للمدعو “أبو جهاد” و “لواء الخطاب”، وسط الحديث عن أوامر من القيادي “أبو حاتم شقرا” بطرد “فيلق الشام” من المنطقة بشكل كامل.
الاشتباكات التي حصلت خلال الساعات الماضية لم تكن الوحيدة، بل سبقتها اشتباكات أخرى، كان آخرها في وسط مدينة عفرين بين مجموعتين من “فرقة الحمزات”، وذلك على خلفية إقدام القيادي “أبو جابر” شقيق القيادي في “لواء الغاب” علاء جنيد، واستخدمت في تلك الاشتباكات أسلحة ثقيلة ورشاشات.
غضب شعبي كبير جراء حالة الفلتان والاقتتال الفصائلي
حالة الانقسام هذه بين فصائل المعارضة المسلحة، بدأت تثير غضب المواطنين ضمن مناطق سيطرتها، كونهم المتضررون الوحيدون من ذلك، إما عبر سقوط ضحايا وإصابات كون الاشتباكات تتركز دائماً في مناطق سكنية، و من خلال التسبب لهم بخسائر مادية كبيرة نتيجة تعرض أملاكهم للتدمير، وتحميل القوات التركية المسؤولية لعدم التدخل وإنهاء التواجد العسكري ضمن المناطق السكنية.
وتشدد أوساط متابعة بأن تركيا يبدو أنها لن تنجح في تجميع فصائل المعارضة ضمن جسد عسكري موحد، كون الخلافات بينها كبيرة، وهي خلافات لا تتعلق “بالثورة” إنما هي خلافات شخصية ولتقاسم ما يتم الاستيلاء عليه و بسط النفوذ، وسط تحذيرات من تصاعد الاقتتالات في حال زيادة الكيانات العسكرية المختلفة.
إعداد: ربى نجار