دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

اتفاق “موسكو” بشأن إدلب.. استراحة محارب للمواجهة التالية

أوغاريت بوست (إدلب) – للمرة الخامسة منذ أن دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في إدلب، تسيّر القوات التركية دورية بمفردها على الطريق الدولي M4، بعد إعاقة الدورية الروسية ـ التركية المشتركة الأولى من قبل هيئة تحرير الشام، وسكان محليين، في الخامس عشر من آذار الجاري، بموجب اتفاق موسكو الذي تم التوصل إليه في الخامس من الشهر الجاري بين الرئيسين الروسي والتركي، ويرى الكثير من المراقبين بأن هدنة وقف إطلاق النار الهشة ما هي بالأساس إلا استراحة محارب خلقتها روسيا وتركيا، لامتصاص التصعيد الخطير الذي نجم عن مقتل الجنود الأتراك في إدلب من قبل القوات الحكومية السورية، وسرعان ما ستعود المواجهات من جديد.

ترفض هيئة تحرير الشام وبعض الفصائل الأخرى، اتفاق موسكو، الذي جاء بعد مواجهات عنيفة، أسفرت عن تقدم القوات الحكومية في مساحات واسعة في شمال غرب سوريا، وسيطرته على الطريق الدولي حلب ـ دمشق بالكامل، على حساب فصائل المعارضة السورية، والتي انخرط فيها الجيش التركي بشكل مباشر، وأسفرت عن مقتل العشرات من جنوده، ما دفع بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بطلب لقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لبحث المسألة، وهذا ما تم في الخامس من آذار المنصرم.

جاء الاتفاق على إثر المواجهات المباشرة بين الجيشين السوري والتركي ومخاطر الانزلاق إلى حرب شاملة

وتعود أصل الحكاية بالأساس، إلى اتفاق سوتشي، التي تم التوصل إليها بين الطرفين عام 2018، وبموجبه تعهدت تركيا بإبعاد هيئة تحرير الشام وبعض الفصائل المتطرفة الأخرى، عن منطقة سميت بـ “منزوعة السلاح” ضمن  “خفض التصعيد” في شمال غرب سوريا، وبموجبه كان يفترض فتح الطريقين الدوليين M4  و M5 كما نص الاتفاق على نشر 12 نقطة مراقبة تركية في أماكن معينة بشمال غرب سوريا، حدده الاتفاق.

وبعد فشل تركيا في إبعاد هذه الفصائل المتشددة عن المشهد العسكري والإداري في تلك المنطقة، عادت المواجهات من جديد بين القوات الحكومية، وهيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة، ولكن هذه المرة بدعم وإسناد مباشر من القوات التركية للفصائل، ما أسفر عن مقتل 54 جندياً تركيا، 34 منهم بغارة جوية؛ نفت روسيا إنها نفذتها.

على إثر ذلك تطور التصعيد إلى مواجهة مباشر بين الجيشين التركي والسوري، وبدا أن الأمور تنزلق إلى حرب شاملة، ما دفع بالرئيس التركي، أردوغان، لطلب لقاء الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خاصة بعد أن رفض حلف الشمال الأطلسي “الناتو” طلباً تركيا بنشر منظومات دفاعية على الحدود مع سوريا، ومساعدتها في مواجهات إدلب، والتي يعرف القاصي والداني أن روسيا هي التي من تديرها وتهندس خريطة المواجهات فيها.

ينص الاتفاق على تسير دوريات مشتركة روسية ـ تركية وتأمين الطريق الدولي حلب ـ اللاذقية

وينص اتفاق موسكو على أن تتحرك الدوريات الروسية التركية المشتركة، على الطريق السريع، بين سراقب والساحل السوري، فيما على تركيا تأمين ستة كيلومترات شمال الطريق السريع من المسلحين، وعلى الروس فعل شيء مشابه جنوبي الطريق.

وفي الخامس عشر من الشهر الجاري، اعترض سكان محليون بتحريض من هيئة تحرير الشام الدورية، والتي لم تتمكن من اكمال مسارها إلا لبضع كيلومترات فقط.

مراقبون: تركيا تلعب على الوقت إلى حين تبيان موقف حلفائها في “الناتو” من معركة إدلب

ويرى مراقبون أن تركيا هي التي تدفع هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى، لاتخاذ هذا الموقف واعتراض الدوريات، واللعب على كسب الوقت، إلى حين تبيان الموقف النهائي لحلفائها الغربيين، في الناتو من معركة إدلب، لتحدد أنقرة موقفها النهائي، فإما عودة المواجهات مع القوات الحكومية، وطبعاً من ورائها روسيا، أو المضي في الاتفاق مع موسكو، وتحييد هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى المساندة لها سواء بتفاهمات أو بمواجهات؛ فهي مهمة تركية. وقد ألمح وزير الدفاع خلوصي أكار عشية اتفاق موسكو، إلى أن بلاده ستلجأ إلى القوة إذا تطلب الأمر في التعامل مع الجماعات المتشددة. إلا أن مراقبون آخرون يرون أن تركيا لن تتدخل في صدامات جدية مع تلك الفصائل، لأنها تحولت إلى ذراع لها في سوريا وليبيا وأماكن أخرى، لذلك فهي تعمل على كسب الوقت لعل الظروف الضاغطة عليها تتغير، ويعود حلفائه في “الناتو” وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لوضعها تحت عباءة الحلف، وهو الأمر المستبعد على المدى القريب، أقله في زمن حرب كورونا الشعواء التي تجتاح العالم، والكل بات منشغلاً فيها.