أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في الوقت الذي تعاني سوريا من أزمة اقتصادية خانقة ودخول قانون العقوبات الأمريكي “قيصر” أسبوعه الثاني، لاتزال الخلافات بين الحكومة السورية ورجل الأعمال رامي مخلوف مستمرة، هذه الخلافات التي يشدد مراقبون على أنها “أحدى أسباب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد”.
وتأتي هذه الخلافات في وقت أكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، أنه لا مساهمة في إعمار سوريا قبل الانتقال السياسي على أساس القرار الأممي 2254 الدولي، والذي وافقت عليه روسيا والصين (حلفاء الحكومة السورية).
ضربة جديدة لمخلوف
وفي خطوة قال عنها متابعون للشأن السوري، أنها ضربة لإضعاف مخلوف، أنهت وزارة الاقتصاد التابعة للحكومة السورية عقود تم إبرامها بين شركات مخلوف مع الأسواق الحرة في سوريا، وقالت الوزارة، أن القرار تضمّن فسخ عقود مع شركات خاصة مستثمرة في الأسواق الحرة في دمشق وغيرها، وعلى المعابر الحدودية، وتعود ملكيتها وإداراتها لمخلوف.
وبشكل غير مباشر اتهمت الوزارة مخلوف باتخاذ الأسواق الحرة وسيلة لتهريب البضائع السورية والأموال لخارج البلاد. ويشار إلى أن شركات رامي مخلوف تحتكر الأسواق الحرة منذ 2011.
وسبق أن حجزت الحكومة احتياطياً على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من كبار رجال الأعمال، بينهم مخلوف وزوجته وشركاؤه. واتهمتم الحكومة “بالتهرب الضريبي والحصول على أرباح غير قانونية خلال الحرب المستمرة منذ 2011”.
سر توقيت “الحملة على الفساد”
هذه الخطوات التي جاءت ضد رجال أعمال كبار مقربين من الحكومة “سابقاً”، بعد انتقاد روسي كبير للدور الحكومي في إدارة ملف الفساد، ووصفها الحكومة بأنها “غير قادرة على مكافحته”، بينما شدد آخرون على أن هذه الخطوات متفق عليها بين الحكومة ورامي مخلوف للبرهنة على أن الحكومة تقوم بمكافحة الفساد حتى للذين تربطهم صلات قرابة مع الرئيس السوري.
بينما شدد آخرون على أن الخلافات الجديدة بين مؤسسات حكومية ورامي مخلوف تأتي في إطار، الصراع المحتدم بين آل الأخرس (آل عقيلة الرئيس السوري) و آل مخلوف على السيطرة على الاقتصاد السوري، وتحجيم رامي الذي بنيى ثروة مالية كبيرة جراء الحرب في البلاد.
ويتزامن التوتر بين مخلوف والحكومة مع أزمة اقتصادية حادة وتراجع تاريخي في قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية، ويقول خبراء أن الانهيار سيستمر بعد أن طبقت “قيصر”، والذي طال شخصيات سياسية سورية من بينهم الرئيس السوري، وعدد آخر من “تجار الحرب” كما تصفهم أمريكا.
لا مساهمة أوروبية في إعادة إعمار سوريا
وفي وقت يشدد السوريون على أن أفق الحل السياسي (الذي تشترط الولايات المتحدة رفع قيصر إذا تم تطبيقها في البلاد) بعيدة عن الواقع، أكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، أن “المساهمة في إعادة إعمار سوريا، تحصل فقط عندما يكون هناك انتقال سياسي حقيقي وثابت بموجب قرار مجلس الأمن 2254”.
وأعرب المسؤول الأوروبي، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر المانحين لسوريا، عن أمله في أن تقدم الجهات والدول المشاركة في مؤتمر بروكسل للمانحين التزامات توازي العام الماضي التي تجاوزت 6 مليارات يورو.
وأشار بوريل إلى أنه لم يتم دعوة “النظام والمعارضة للمؤتمر”، وتابع “ربما تجري إعادة النظر في هذه المسألة فقط وشرط انطلاق العملية السياسية بكل جدية وخطوات ثابتة، بما في ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة على النحو المتصور لها بموجب 2254”.
عسكرة الحلول
وتتخذ الحكومة والمعارضة السورية من “الحسم العسكري” كقرار لتسوية الخلافات المستمرة بينهما منذ 10 سنوات، والتي أدت لدمار البلاد على كافة الأصعدة، وسط خوف السوريين من أن يؤدي تعنت أطراف النزاع السوري لمفاقمة الأوضاع المعيشية والاقتصادية أكثر، وحدوث مجاعة في ظل فقر 90 بالمئة من الشعب، وسط تحذيرات أممية جادة في ذلك.
إعداد: ربى نجار