دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

وريا قره داغي: عمليات التغيير الديمغرافي في سوريا بحاجة لرادع دولي .. وتركيا ستسقط على المدى البعيد

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهد الشمال السوري خلال السنوات القليلة الماضية العديد من عمليات التهجير والتغيير الديمغرافي في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها وبخاصة في مدينة عفرين بريف حلب، حيث تحدثت تقارير دولية وإعلامية عن سياسة ممنهجة قائمة على إخلاء هذه المناطق من سكانها الأصليين عبر الاعتقالات التعسفية وعمليات القتل والتعذيب واستبدالهم بعوائل من محافظات سورية أخرى ينتمون للفصائل الموالية لأنقرة وذلك بمساعدة منظمات قطرية وكويتية وأخرى غربية من خلال بناء تجمعات ووحدات سكنية في هذه المناطق.

وخلال حديث خاص مع المستشار في شؤون التنميه، وريا قره داغي، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” تساؤلات عدة حول  التمويل المادي لجمعيات كويتية وقطرية وتركية في بناء وحدات سكنية لاستكمال عملية “التغيير الديمغرافي” في الشمال السوري، وهل هناك تحركات أو جهود محلية أو دولية تهدف لإيقاف هذه العمليات بمناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا.

وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الأستاذ وريا قره داغي:

كشفت العديد من التقارير عن تمويل مادي لجمعيات كويتية وقطرية وتركية في بناء وحدات سكنية لاستكمال عملية “التغيير الديمغرافي” في الشمال السوري، ما رأيكم بذلك ؟

تركيا من خلال عملية غصن الزيتون احتلت عفرين عام 2018، مما تسبب في تهجير الكثير من السكان الكرد إلى مناطق اخرى بنسب متفاوتة، كما عمدت أنقرة لاستقدام ما يسمى الجيش الوطني السوري الموالي لها وهم مرتزقة عرب وتركمان حيث عمدوا لفرض وجودهم القسري على أهالي عفرين إلى جانب فرض اللغة التركية، يضاف لذلك استقدام مجاميع سكانية من المخيمات وتوطينهم في عفرين والاستيلاء على منازل الكرد هناك حيث يعتبر ذلك بحد ذاته احتلال بالقوانين الدولية وهو امر غير مقبول، وبالانتقال إلى ما تبقى من أهالي عفرين الذين لم يتعرضوا للتهجير فهم يعيشون حالة مأساوية عبر قيام القوات التركية والمجموعات التابعة لها بتوجيه اتهامات مستمرة للأهالي تتضمن ارتباطهم بحزب العمال الكردستاني وبالتالي تعرضهم للاعتقال والتعذيب والقتل .. الحكومة التركية ترغب في تغيير ديمغرافية مدينة عفرين واخراجها من هويتها الكردية وادخال العرب والتركمان فيها حيث قامت تركيا بتدمير كافة أثار المنطقة .. كل ذلك يأتي ضمن تحالفات اقليمية تجمع تركيا مع بعض الدول الخليجية التي تدعم أنقرة ماديا عبر العديد من المنظمات والجمعيات ومنها قطر من خلال مشاريع ما تسمى التنمية واعادة الاعمار والتي ليس لها علاقة بهذه الامور وانما لها علاقة بالتغيير الديمغرافي ويجب ان يكون هناك رادع دولي لهذه الاعمال والتي ان لم تكن موجودة ستؤدي الى استمرار تركيا بدعم من دول حليفة لها بهذه الأعمال.

 ما الغاية من مشاركة جمعيات ومنظمات إقليمية وغربية في تغيير التركيبة السكانية بالمناطق السورية الخاضعة للسيطرة التركية ؟

هناك قوتان دوليتان متواجدتان على الساحة السورية وهما الولايات المتحدة وروسيا والاثنتان لديهما قواعد عسكرية في سوريا الى جانب وجود القوات التركية في عمق الأراضي السورية كما في كردستان العراق، والروس قد تحدثوا عن وجود

تغيير ديمغرافي في سوريا اما الحكومة السورية فهي تتغاضى عن ذلك وبالتالي هي بموقع الرضا والصمت، أما فيما يتعلق بالمجتمع الدولي فإن صمته عن عمليات التهجير دفعت تركيا لاستغلال هذه العوامل إلى جانب ازمة كورونا وفترة ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالإضافة إلى غياب وحدة الصف العربي وعدم وجود دولة عربية واحدة ترفع قضية التغيير الديمغرافي للجامعة العربية أو للأمم المتحدة .. دولياً هناك تغاضي من قبل الولايات المتحدة وروسيا كما أن الدول الأوروبية موقفها خجول من خلال استخدام الانتقادات الإعلامية فقط حيث عمدت تركيا إلى إقناع الأوروبيين باحتواء السوريين الراغبين بالذهاب إليها في هذه المناطق التي سيطرت عليها القوات التركية مؤخراً وإقامة مشاريع للتنمية في ظاهرها، كل هذه العوامل أعطت الضوء الأخضر لأردوغان بالسيطرة على عفرين وغيرها من مناطق شمال شرق سوريا والسعي للقضاء على قوات سوريا الديمقراطية وربطها بالتبعية لحزب العمال الكردستاني.

شهدت المناطق السورية خلال السنوات الماضية عمليات تغيير ديمغرافي وتهجير السكان، لكن هل نحن اليوم أمام أكبر عملية تغيير ديمغرافي في الشمال السوري وبالتحديد في منطقة عفرين تحت مسمى العمل الإنساني ؟

الجرائم التي حدثت ضد الكثير من السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات التركية سوف تنتهي على المدى الطويل وستكون عملية مؤقتة حيث أن تركيا تعيش حالة من عدم الاستقرار والضعف الاقتصادي والعديد من المشاكل الداخلية إضافة لعلاقاتها غير الجيدة على المستوى الخارجي مع الكثير من دول العالم نتيجة سياساتها العدوانية بمناطق خارج حدودها الجغرافية، ولكن موقع تركيا على الخارطة العالمية جعلها العدو المدلل للكثير من الدول .. لذا فإن مخططات أردوغان في شمال سوريا من تغيير جغرافي وغيره على الرغم من مساعيه الحثيثة لتنفذيها تحت مسميات مختلفة ستنهار عاجلاً أم أجلاً.. برأيي أن تركيا ستنجح في سياستها على المستقبل القريب ولكنها ستسقط في المستقبل البعيد بشكل مؤكد.

هل هناك تحركات أو جهود لأطراف محلية أو دولية تهدف لإيقاف عملية التغيير الديمغرافي بمناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا ؟

لا أعتقد ذلك، في الوقت الحالي لا توجد أي جهود محلية أو دولية لإيقاف عملية التغيير الديمغرافي في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا وذلك للأسباب التي ذكرتها سابقاً بالإضافة لكون الأمم المتحدة ليست قوة عسكرية أو سياسية ملزمة لأي طرف من الأطراف في سوريا ومنها تركيا، حيث أن هناك اتفاقات ثنائية بين الدول الفاعلة على المشهد السوري حول التغيير الديمغرافي والتهجير وبالتالي فإن أي قرار إذا وصل للأمم المتحدة سيتوقف عبر استخدام الفيتو وبذلك فإن الحديث الذي يدور حول قدرة الأمم المتحدة على إيقاف عمليات التغيير الديمغرافي في  المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية غير ممكن حالياً.

حوار: يعقوب سليمان