دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

لمى الأتاسي لأوغاريت: وحدة وطنية جديدة قادمة خلال عام 2023.. والانهيار الاقتصادي في سوريا سياسي بامتياز

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت سوريا خلال العام 2022، مجموعة من الأحداث السياسية والاقتصادية المهمة، كما تأثرت بتطورات ومتغيرات إقليمية ودولية عديدة، فالأزمة مازالت مستمرة بل وازدادت صعوبة خاصة فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية التي يبدو أنها ذاهبة نحو انهيار تاريخي وغير مسبوق يشابه إلى حد كبير ما حدث على الصعيدين السياسي والعسكري أيضاً.

وتتباين التقديرات حول مدى الخسائر التي دفعتها البلاد مع اقتراب الأزمة السورية من إنهاء عامها الـ11، مخلفة تأثيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وتداعيات وانعكاسات كبيرة على مستقبل السوريين.

وخلال حوار خاص مع الباحثة في مركز دراسات بلاد الشام في واشنطن، لمى الأتاسي، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من الأسئلة حول قراءة الأزمة السورية في ضوء التطورات والأحداث التي شهدها عام 2022، ومساعي التقارب بين حكومة دمشق وتركيا بالإضافة إلى العديد من التساؤلات والطروحات.

 وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الأستاذة لمى الأتاسي:

 

 

كيف يمكن قراءة الأزمة في سوريا في ضوء التطورات والأحداث التي شهدها عام 2022؟

ما زلت اقرأ الأحداث في سوريا على أنها ثورة و ليست أزمة. هي ثورة من نوع جديد في عالم لا يشبه ماضيه. الثورة هي عملية تحدي للواقع و الشعب السوري أو على الأقل جزء لا يستهان به قرر بمحض إرادته خوض عملية التحدي.. أقول تحدي لأن العالم لم يكن متقبل لهذا قط. الجميع كان يظن أن المسألة ستقتصر على حرب نفوذ بين الولايات المتحدة و روسيا و الصين.. لكن الشعب السوري من زاويته صمم على التغيير من الداخل لقواعد اللعبة الخارجية.. لهذا دفعنا الثمن باهظاً، اكثر مما دفعه دول الربيع العربي.

أين سوريا من المعادلة الدولية مع الحديث عن تغير التوازنات والتحالفات والظروف الدولية بحكم الأحداث التي يشهدها العالم ؟

في هذه الظروف سوريا كدولة هي مغيبة سياسياً عن الساحة الدولية، أما عن التوازنات، فهي كانت و ما زالت مغيبة ضمن محاصصات دولية و صراعات ليست بيدنا كسوريين لا تصويبها ولا توجيهها.

اختيار بشار الأسد للمحور الإيراني منذ بداية حكمه لربما هو ما أفقد السوريين سيادتهم نهائيًا. اقصد أن سوريا كانت بعد نهاية الحرب الباردة و انهيار الاتحاد السوفييتي ووفاة حافظ الأسد أمام مفترق طرق و كان بيد بشار الأسد إنجاز تحول داخلي و خارجي يجعل من سوريا دولة مهمة و محورية اقتصادياً و سياسياً في المنطقة ولكنه فضل بيعها لإيران مقابل البقاء في السلطة.

اليوم التحدي الذي يخوضه الشعب في وجه هذا الواقع، صعب لكنه ليس بمستحيل و قد ننتصر ولكن بعد هذا الدمار سنحتاج وقت طويل قبل عودة سوريا للساحة الدولية بعد الغياب.

الاقتصاد السوري انهار بشكل كبير في سنة 2022 وبات المواطن يعيش في حالة صعبة بظروف قاسية جداً.. ما أسباب ذلك وهل تعتقد أنه هناك حلول لإنقاذ الاقتصاد؟

هناك دائماً حلول.. الانهيار الاقتصادي هو سياسي بامتياز والحصار المفروض على سوريا كان شر لا بد منه لردع إيران في سوريا فإيران التي توظف بشار الأسد و”عصابته” طبعاً مع روسيا، بالتالي للخروج من المأزق الاقتصادي الحالي لا يوجد حل إلا الحل السياسي.

بالتزامن مع الحديث عن الحل السوري.. هناك مساعي للتقارب بين حكومة دمشق وتركيا.. كيف تقرؤون هذا التطور.. وهل يمكن أن يساهم في حل الأزمة؟

هناك نوعين من القراءة الأولى عاطفية وهنا لا بد أن نقر بأن السوري الثائر يشعر بالخذلان من تركيا و قرارها بالمصالحة مع نظام بشار الأسد.

لكن في القراءة الثانية للموقف نحن ملزمين موضوعياً بأن نقر بأننا لا نعلم خفايا الأمور وإلى أين تتجه.

بالنهاية الحوار بين تركيا و النظام السوري هو حوار لا مفر منه.. ففي كل الحروب لا بد من نقاش تفاوضي لإنهاء الحرب، وفي الحالة السورية و للأسف لاحظنا هناك غياب تام لتمثيل سياسي للشارع السوري المعارض.. الائتلاف مرفوض شعبياً و في الشارع لا تمثيل له.. من هنا أردوغان أخذ مكان فارغ وهو يخاطب النظام بدل الشعب السوري.. و دولياً كان لا بد من أن يقف أمام بشار طرف قوي له نفوذ حقيقي وهذا لكي يحترمه بشار الأسد.. بشار الأسد لم يقبل أن يحاور السوريين جديً، والنظام لم يحاور المعارضة في جنيف كما تتدعي وكالات الأنباء.

أنا كنت في اللقاء مع وفد النظام في موسكو2 وقلت حينها النظام لا يرى أحد من المعارضة لا يحترم الشعب المعارض.. نحن لم نكن ممثلين ولايمكن إيجاد تمثيل عن الشعب في الظروف الراهنة.

تركيا دعمت الثورة وهي متهمة من قبل الشارع السوري بإضعاف قيادتها.. لربما هي خافت حينها على أمنها، فقررت إحتواء القيادة السياسية والعسكرية ومنع أي تطور في حالة السورية.

بالتالي عندما حق الجد و أن الأوان دولياً لإنهاء الفوضى السورية التي وصلنا لها أو الأزمة التي وقعنا فيها كان قرار السوريين المعارضين بيد أردوغان فقط… هذا واقع و ليس عواطف.

وليس هناك لوم على الشعب السوري فهو لم يسلم قراره قط من قبل المجتمع الدولي، هو لم يسمح له بشيء.. منذ البداية تمت محاربته دولياً لأن ما يريده يعتبر تحدي للإرادة الدولية، بالتالي نحن محرجين جداً، لا نريد زعل الحضن العربي ولانريد زعل تركيا لأننا منذ البداية بمواجهة مع النظام وإيران جديا، و الأهم لأن من قتلنا هم جنود الحرس الثوري الإيراني وقوات النظام السوري.. إنها حرب قيم و مبادئ تلك التي خضناها ضد النظام و ما زلنا و الثورة لم تنتهي.

ماذا يعني سيطرة هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة على مناطق واسعة كانت تسيطر عليها فصائل المعارضة؟

السلاح لم يوحد منذ البداية و تم منعنا دوليًا من تشكيل جيش ثوري بعمل تحت راية سياسية ثورية حقيقية و موحدة.. لم يسمح لنا بتقديم برنامج سياسي وطني.. لم يسمح للثوار في الداخل باختيار ممثليهم ففرض عليهم أسماء أشخاص هبطت علينا من أجهزة المخابرات الدولية.. اعتبروا أنفسهم ممثلين عن الشعب السوري وهم كانوا ممثلين عن قطر أو تركيا أو فرنسا أوغير ذلك.. الشعب تم سرقة قراره.

بالتالي هيئة تحرير الشام والنصرة والقاعدة و غيرهم نحن بريئين منهم هم أتوا بمال دول تتصارع على أرضنا وبدمائنا.

هل يمكن أن نشهد مرة أخرى ظهور تنظيم داعش الإرهابي في سوريا مع الحديث عن ازدياد نشاطه في الشمال والشرق والبادية؟

اذا احتاجت الدول المتصارعة أن يظهر سيظهر.. داعش إن وجدت فيجب أن نبحث عمن يمولها ويسمح لها بالوصول عبر الحدود إلى هنا.. من له مصلحة بوجودها؟

هل اللذين يثورون لتغيير بشار داخليًا لهم مصلحة بوجودها؟ لا طبعاً لكن الدول في صراعها فيما بينها تحتاج لها لكي تعلن حروب غير معلنة فيما بينها.. تستعمل الخارجين عن القانون والإرهابيين لخوض حروب غامضة و أقل وضوحاً.. نحن السوريون ضحايا كل من يحمل السلاح في سوريا.. نحن جميعًا أي كل السوريين.

كيف تقرأين مستقبل منطقة إدلب والسويداء وشرق الفرات خلال عام 2023؟

حاملي السلاح الذين فرضوا قوانينهم في إدلب و شرق الفرات لا بد أن يوضحوا لنا كل منهم ماذا يريد من سوريا؟

ماذا تريد الإدارة الذاتية من سوريا؟ هناك سؤال يطرحه الشارع السوري لماذا لم ينضموا للثورة ضد بشار و لماذا خاضوا حالة الانزواء الكردية دون حتى مشاورة الكرد السوريين؟

بالنسبة لمناطق إدلب فهناك القاعدة وجبهة النصرة بقيادة الجولاني: هنا الوضع مختلف إذا لم يلمع أحد إعلامياً، حيث هناك سخط شعبي وما زال من قبل السوريين هناك.

أما في السويداء فلا يمكننا أن نقارن ما يجري هناك بالمنطقتين المذكورتين حيث هي حالياً ليست دويلة محكومة بجيش.. بل شعب سوري يخوض حراك مدني ويطالب بما نطالب به كثوار على نظام الأسد منذ البداية.

ما توقعاتكِ لعام 2023؟

متفائلة ببداية تبلور وعي وطني جديد نحو وحدة وطنية جديدة.. نعم متفائلة.. إن تم التقارب واتفاق على ضوء مخرجات جنيف فهذا يعني تنازلات من قبل النظام.. ولكن ما أعرفه أن الشارع السوري مستمر وحالياً هو يعلن هذا بوضوح.