دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

قمة بايدن – أردوغان: أول اختبار لكيفية تعامل الرئيس الجديد مع المستبدين

لطالما أوضح الرئيس الأمريكي جو بايدن أن رجب طيب أردوغان ليس الزعيم المفضل لديه، كما لم يُظهر بايدن أي عاطفة تجاه أردوغان منذ توليه منصبه.

حدثت أول مكالمة هاتفية له مع الرئيس التركي بعد ثلاثة أشهر من تولي بايدن منصبه وتناول بشكل أساسي خطة أمريكا للاعتراف بالإبادة الأرمنية، حزن أردوغان حزنًا شديدًا، وأدان الإعلان كما كان متوقعًا، وحذر من أنه “سيفرض عبئًا إضافيًا على العلاقات بين البلدين”.

ومن المقرر أن يعقد يوم الاثنين أول لقاء له وجهًا لوجه مع الرجل الذي وصفه بأنه ديكتاتور وأعلن خلال الحملة الانتخابية أنه يعرف كيفية التعامل مع أردوغان.

الصحفي التركي إبراهيم كاراجول، الذي خصص العديد من الأعمدة في صحيفة يني شفق لانتقاد الولايات المتحدة، وخاصة بايدن، كتب هذا الأسبوع أن جميع الأتراك الذين يؤمنون بـ “تركيا أولاً” يجب أن يتحدوا ويقفوا بقوة ضد المؤامرات الدولية والدعاية الكاذبة التي تهدف إلى إضعاف البلاد، تجدر الاشارة الى الكاتب التركي  لم يذكر كلمتي “الولايات المتحدة” و “بايدن” قط في مقاله.

صحيفة يني شفق تخضع لسيطرة البيرق القابضة، أصحابها قريبون جدًا من أردوغان. يعكس المحتوى الذي يظهر في وسائل الإعلام الخاصة به، القوة الراديكالية لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.

الصواريخ الروسية

في الوقت نفسه، يتحلى أردوغان بضبط النفس، على عكس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أعلن أنه سيواجه إيران “حتى لو أدى ذلك إلى احتكاك مع الولايات المتحدة”، سيحاول أردوغان إقناع بايدن بأن تركيا رصيد استراتيجي وليست عبئًا، وأن على واشنطن الاعتراف بوضع تركيا الخاص كجسر بين الشرق والغرب وأن أردوغان لا ينوي الانفصال عن الناتو أو واشنطن لتعزيز العلاقات مع روسيا وإيران.

ولكن سيحمل بايدن قائمة طويلة من المطالب التي ستجبر أردوغان على اتخاذ بعض القرارات الصعبة في حال رغبته بعلاقات جيدة مع الرجل الذي سيكون في البيت الأبيض على الأقل خلال السنوات الثلاث والنصف القادمة.

من ناحية أخرى، فإن تلبية المطالب الأمريكية قد يضر بمكانته ومكانته حزبه، التي تتراجع في استطلاعات الرأي إلى مستويات متدنية. من ناحية أخرى، قد يؤدي رفضها إلى دفع الكونغرس الأمريكي إلى فرض عقوبات على تركيا، الأمر الذي من شأنه أن يضعف الاستثمار الأجنبي، ويؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وينقص من فرص أردوغان في الانتخابات الرئاسية القادمة.

سيقدم بايدن لأردوغان مجموعتين من المطالب: الأولى تتعلق بالسياسة الخارجية لتركيا والثانية بشؤونها الداخلية. القضية الرئيسية هي شراء تركيا لمنظومة الصواريخ الروسية إس -400، والتي تعتبرها الولايات المتحدة خطراً جسيماً على الناتو. هذه الصواريخ موجودة بالفعل على الأراضي التركية وتم اختبارها عدة مرات. تخشى واشنطن أن هذا النظام، الذي اذا تم دمجه مع دفاعات الناتو، قد يسمح للروس بجمع المعلومات الاستخبارية حول قوات الناتو وتخريب دفاعات المنظمة.

عندما كان رئيسًا، تعامل دونالد ترامب برفق شديد مع القضية. وألقى باللوم على رفض باراك أوباما بيع تركيا صواريخ متقدمة وأنظمة رادار ذات صلة، مما أجبر تركيا على اللجوء إلى روسيا. وفي وقت لاحق، فرض عقوبات متواضعة على مسؤولي المشتريات العسكرية الأتراك وصناعة الدفاع، وأبعد  تركيا من مشروع “F-35” وعلق مبيعات الطائرة المقاتلة إلى أنقرة.

حقوق الانسان

حتى لو تم التوصل إلى حل وسط بشأن الصواريخ، تبقى هناك عدة نقاط احتكاك بحاجة الى حلول، وهي سلوك تركيا تجاه اليونان وقبرص والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتنقيب عن الغاز والنفط في شرق البحر المتوسط.

كان الاتحاد الأوروبي ينتظر الانتخابات الأمريكية على أمل أن يخسر ترامب وأن يتعاون بايدن المنتصر معه في هذا الشأن. يأمل الاتحاد الأوروبي الآن في التصرف حيال تهديده ووقف أنقرة. ومع ذلك، إذا اعترفت تركيا، فلن تستسلم للاتحاد الأوروبي فحسب، بل سيتم اعتبارها في الداخل على أنها استسلام لليونان، على الرغم من العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، يُنظر إلى اليونان على أنها العدو التاريخي لتركيا.

الاستسلام التركي لتحالف أمريكا وأوروبا هو بالضبط نوع “الخطر” الذي كان الصحفي كاراجول يشير إليه عندما كتب عن مؤامرات دولية. بعد شهور من كلام أردوغان بأنه من حق تركيا السيادي التنقيب عن الغاز والنفط في شرق البحر المتوسط​​، فإن أي تنازل سيكون أصعب من التوصل إلى حل وسط بشأن أنظمة إس -400.

وضع بايدن حقوق الإنسان في مقدمة سياسته(بايدن) الخارجية. حتى القائمة الجزئية من شكاوى بايدن بشأن تركيا تبقى طويلة: اعتقال الصحفيين، وسجن المدونين، واحتجاز السياسيين الموالين للكرد، والمطالبة بحل حزب الشعوب الديمقراطي، والمطالبة بحظر 500 ناشط سياسي واستمرار اعتقال اثنين من موظفي السفارة الأمريكية.

ولكن عندما قدم الاتحاد الأوروبي لأردوغان قائمة مماثلة، لم يكترث الأخير، وهاجم تلك الدول، وفيما يتعلق بالتهديد الأوروبي بفرض عقوبات، رد بتهديدات من جانبه بفتح حدود تركيا والسماح لملايين اللاجئين بالتدفق إلى أوروبا. وقد نجح هذا التهديد حتى الآن.

مع بايدن، من المرجح أن تجري القصة بشكل مختلف. لا يمكن لأردوغان استخدام نفس التهديد، في حين أن النفوذ الاقتصادي والعسكري لواشنطن على أنقرة أكبر بكثير من نفوذ أوروبا.

ستكون تركيا في أول اختبار لكيفية تعامل الرئيس مع دول العالم الاستبدادية، وسيتعين على أردوغان أن يعمل بجد لإقناع بايدن بأن بلاده تنتمي إلى الدول الديمقراطية في العالم وتشارك بايدن قيمه.

المصدر: صحيفة الهآرتس الاسرائيلية

ترجمة: أوغاريت بوست