دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

فاتح جاموس: لقاء القامشلي جاء تتمة لحوارات بين القوى الوطنية السورية الداخلية وتم فيه التقارب الفعلي في عدد من القضايا 

أوغاريت بوست (مركز الأخبار)-بالتزامن مع تغير خارطة النفوذ الميداني في الشمال السوري، وانعكاسات ذلك على المشهد السياسي العام في سوريا، تحولت منطقة شمال وشرق سوريا إلى مركز استقطاب جديد، لتحركات مختلف القوى السياسية والحزبية السورية، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف السورية، والحد من المزيد من الانكسارات الوطنية، لاسيما بعد الهجوم التركي وسيطرتها على مناطق واسعة جديدة في شمال سوريا.

وفي إطار ذلك شهدت مدينة قامشلي السورية، اجتماعا بين ممثلين عن القوى والأحزاب السياسية السورية قادمة من دمشق، وممثلين عن أحزاب سياسية ضمن هيكلية الإدارة الذاتية، وشخصيات سياسية أخرى قبل أيام. وتزامن ذلك زيارة من رئيس مكتب الأمن الوطني، علي مملوك، ولقائه بشخصيات عشائرية في مطار المدينة.

حول ذلك أجرت شبكة أوغاريت بوست الإخبارية، حواراً مع، فاتح جاموس، القيادي في تيار طريق التغيير السلمي، وأحد المشاركين في اجتماع القوى والاحزاب السياسية، والذي أكد أن هذا الاجتماع يأتي في إطار تتمة حوارات سابقة بين مجموعة قوى وفعاليات وطنية داخلية.

وفيما يلي نص الحوار الكامل مع القيادي في تيار طريق التغير السلمي، فاتح جاموس:

1 ـ شاركتم قبل أيام في اجتماع لممثلي قوى وأحزاب سياسية سورية في مدينة القامشلي، هل يأتي هذا الاجتماع ضمن إطار الوساطة بين الإدارة الذاتية ودمشق لإطلاق حوار حقيقي بينهما؟ وماذا تمخض عنه؟  

يأتي هذا الاجتماع تنفيذاً لاتفاق سابق بمتابعة هذه الحوارات على جدول عمل محدد، وذلك بين مجموعة قوى وفعاليات وطنية داخلية  بعضها في صف السلطة كموالاة. أو حزبيين من البعث وبعضها الآخر في صف المعارضة الوطنية الداخلية، وبعضها في صف المجتمع المدني، بالإضافة الى أنني وتيارنا ـ طريق التغيير السلمي المعارض، قد شجعنا وحضرنا عدة فعاليات حوارية موسعة قبلها، كانت قد دعا إليها إطار مسد (مجلس سوريا الديمقراطية) التحالفي.

بالتالي وفدنا الذي يتسع ويضيق بحسب الامكانات اللوجستية ومن يؤمنها كإطار مسد أحيانا، أو حزب الشباب، من قيادييه السيدة بروين، أحيانا أخرى في الأساس مكون من نخب شاركت في لجنة متابعة الحوار لمؤتمر طهران ودمشق، ومتفقون على أهمية وضرورة فتح مسار الحوار الوطني الداخلي بين مجمل أطراف الانقسام الوطني الداخلي في الأزمة السورية وإكسابه شرعية الوجود.

هكذا إذن هذا الوفد  ليس بمهمة رسمية من قبل أحد، وغير مكلف رسمياً من أحد لا بالوساطة البينية، ولا بتمثيل أحد، يمثل القوى والفعاليات بما فيه الشخصيات المشاركة، مع قناعتنا الفعلية بضرورة تقريب وجهات النظر خاصة بضرورة إطلاق الحوار الداخلي وحضور كل الأطراف.

أما ما تمخض عنه  فهو التداول الحواري في مجمل قضايا الأزمة السورية، والتقارب الفعلي في عدد من القضايا كأن يعتقد ويقبل ويرغب الأصدقاء في الإدارة الذاتية الآن بدور توسطي وضامن للطرف الروسي، وأن يكونوا الآن مستعدين للحوار بدون شروط مسبقة مع النظام، لتطرح الشروط على الطاولة، وأن مشروع الادارة الذاتية هو أحد المشاريع المطروحة كخارطة طريق مثله مثل غيره قابل للنقاش وأن خارطة الخروج من الأزمة هي مشروع بيني وتقاطعي بين مجموع المشاريع الوطنية الداخلية، وتابعت نفسها خلافات فعلية في العديد من القضايا كموضوع الاحتلالات لكن مع ضرورة الحوار والاتفاق على معايير واحدة بخصوصها، والخلاف على خصوصية قسد، مع استمرار تأكيد تلك الفعاليات من مسد على أن النظام غير جاد بالحوار، كما يعتقد الكثير منا تماماً بعدم جديته حتى الآن في كامل قضية الحوار الداخلي، وتمخض عن الحوار التأكيد على أهمية متابعته وتوسيعه ووضع جدول عمل له من أهم نقاطه: المركزية واللامركزية والمشاريع المتعلقة بها مثل الإدارة الذاتية أو المحلية أو شيء متقاطع، الاحتلالات ومعايير النظرة إليها وأهمية قيام جبهة مقاومة منظومة تفكير وطني متقاربة، النفط وثروات المنطقة والأزمة الاقتصادية والمعيشية الدور الروسي وسبل تحفيزه… الخ

2 ـ تزامن هذا الاجتماع مع زيارة قام بها رئيس مكتب الأمن الوطني، علي مملوك، إلى القامشلي، هل هناك ارتباط بين الحدثين؟ وما مدى تقارب وجهات النظر مع القوى السياسية في شمال شرق سوريا؟

لا علاقة ولا أي ارتباط في ذلك التزامن، كل الى أهدافه الخاصة ووسائله، والأطراف التي التقاها، وحول مدى التقارب في وجهات النظر فلقد ذكرت بعض أهمها في الجواب الأول عند سؤالكم عما تمخض عن اللقاء، وفي كل الأحوال هناك تطور إيجابي وتراكمي متصاعد في التقاطع والتقارب، لكن هناك الكثير من الخلافات على قضايا عديدة.

3 ـ ما أوجه التباين والالتقاء بين مشروعي الإدارة الذاتية من جهة والإدارة المحلية التي تطرحها الحكومة السورية من جهة ثانية؟ وما فرص الوصول إلى صيغة مشتركة بين المشروعين؟

بالتغاضي الآن عن جدية أو عدم جدية السلطة في الحوار الوطني الداخلي، أو الإدارة المحلية فهناك صعوبة في معرفة موقف السلطة إذ سمعنا عدة تصريحات من جهات سلطوية مختلفة، كتصريح السيد وزير الخارجية بأن لا مشكلة لديهم في الحوار حول مشروع لشكل من أشكال الإدارة الذاتية، وسمعنا إن السلطة في اللقاءات المشتركة أصرت فقط على مشروع الإدارة المحلية، ورفضت أي مشروع يتعلق بأي شكل من أشكال اللامركزية السياسية، مع تسرب فكرة تفيد أن هناك استعداد لتطوير مشروع الإدارة المحلية ليلحظ بعض القضايا المحلية وبعض التطورات التي قامت مع الأزمة، كما أكدت السلطة إنها تريد العودة إلى كامل الجغرافيا وتريد إعادة خدمات الدولة  وليس فقط عودة بعض وحدات الجيش كما دعت وحدات قسد للانضمام إلى صفوف الجيش دون أي خصوصية، هذا بعض ما رشح  لكنه لا يمثل معرفة فعلية ودقيقة، كما أن إطار مسد بذاته لديه عدة التباسات وهو يتكيف مع التطورات الجديدة أهمها التداخل بين فكرة الدولة والسلطة في قضايا أمر واقع عديدة الإطار القانوني للتغيير شكل المخرج القانوني أولوية المقاومة للاحتلال التركي وعطالة كبيرة وحسابات معقدة وبراغماتية خاصة تجاه الاحتلال الامريكي، الخ

وهناك صعوبة هائلة، إن لم أقل استحالة في الوصول لصيغة مشتركة  في أحسن الأحوال سيكون الأمر أمر توافقات جزئية، وأمر التقدم الفعلي لمشروع السلطة بعودة الدولة ومؤسساتها، حتى ولو أدى ذلك إلى تزايد حدة التناقض وربما الصراع طالما أن العامل الأمريكي قائم، سياسيا وعسكريا ونفطيا، وطالما أن هناك إصرار على الأولوية التي يعتقدها كل طرف، هنا تأتي أهمية مثل الحوارات التي نجريها  والجهود الضرورية للتقريب في وجهات النظر.

4 ـ في ظل الوجود الفعلي للقوات الأجنبية على الأرض السورية، ما فرص نجاح الحوار السوري ـ السوري وخروج القوات الأجنبية من البلاد؟

على الرغم من الوجود الفعلي المتعدد والكثيف لأطراف أجنبية، وعلى الرغم من امتداد الانقسام الوطني السوري في الأزمة إلى ثقافة القبول بالأجنبي والاحتلال فغن هناك فرصا فعلية لتقدم فكرة مسار الحوار الوطني الداخلي، ويتوقف هذا على تفاعل ثلاثة عوامل أولها تطور إرادة النظام تحت ضغط حاجته لذلك، إذ هو الآن في أضعف حالات اهتمامه إن لم تكن غائبة والعامل الثاني يتعلق بالموقف الروسي وحاجته لهذا المسار كما حصل سابقا في موسكو ١و٢  أو سوتشي للحوار السوري، وعلى الأرجح سيحاول ذلك في إطار الرد على تعنت الصف الأمريكي التركي والإقليمي ووضعهم عقبات جادة في وجه الروس والعامل الثالث والأخير هو قيام مركز معارضة وطني داخلي جاد من ضمنه حتما وبدور خاص تحالف مسد وتكويناته من قسد والإدارة الذاتية مع ضرورة ارتقاء وعي هذا الطرف بحاجته لذلك، وعدم انتظار المزيد من الوقائع التي تضعفه وتجعله مكشوفا كما حصل بعد موجات الاحتلال التركي الأخيرة.

ذلك التفاعل بين تلك العوامل الثلاثة قد يفتح أيضا مجالات سياسية ولوجستية  لتوحيد المعايير تجاه الاحتلالات والسماح بتشكيل جبهة مقاومة غير انتقائية من قبل كل طرف إنما موحدة المفاهيم والمنظومة والخطاب الوطني، ستساهم بقوة في خروج الاحتلالات أو إضعاف وجودها بالتدريج، ولا بد ستأتي شروط تفاعلية وانتخابية في كل من أمريكا وتركيا مساعدة في ذلك

5 ـ على الجانب الآخر هناك أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف، كيف تقيمون جلساتها؟

ليست العبرة في الاتفاق على بنية اللجنة الدستورية وإخراجها للحياة وعقد عدة جلسات، هذا حصل سابقا في جنيف على مدى سنوات  وكانت شروط السلطة أكثر خطورة على الأقل من منظورات سياسية وجغرافية وعسكرية، بينما كان المواقف متناقضة جداً  بين السلطة وحلفائها من جهة والأصولية الفاشية وحلفائها ومحركيها من جهة أخرى وذلك حرك الصراع ووسائله وأتى بالنتائج القائمة حتى الآن وبتقييم وقائع الصراع الآن واحتمالات تطورها مستقبلا أرى أنها في المحصلة العامة تشير إلى انكسار وتراجع مشروع الفاشية وحلفائها الخارجيين وتقدم وانتصار تدريجي في مشروع السلطة وحلفائها  الروس أساسا، مع الأخذ بعين الاعتبار السمة التدريجية والتراكمية في ذلك وبعين الاعتبار بروز عقبات مهمة في السياق، تطيل زمنيا في ذلك المسارين ومحصلتهما، بذلك ندرك أن السلطة تعيد انتاج نفسها بمساعدة حلفائها وحسنت بملموسية عالية شروط قوتها على الرغم من العقبات التي تبرز  كالحالة الاقتصادية والمعيشية والحصار  والعقبات بسبب بنية ونهج السلطة وتواطؤها مع فئات طبقية طفيلية وجشعة وفاسدة، هذه المحصلة في تحسن شروط الوجود والقوة سمحت بتجاوز كل الشروط القديمة بالتالي عدم اضطرار السلطة لتقديم أي تنازل مقارنة بشروط جنيف وشروط بعض القرارات الأممية.

بذلك كانت اللجنة الدستورية بنية ومكانا لتقدم انتصار السلطة، بتصريف الوقت، ووضع التأسيسات الحوارية لعمل اللجنة، وجعل عملها  ذا طابع تشاوري في أحسن أحواله، والتقدم اللوجستي والعسكري والجيوسياسي الثابت والبطيء نسبيا الآن على الأرض بحكم خطورة وتعقيد عدة حلقات في الأزمة الآن أهمها إدلب والعامل التركي والعامل الأصولي الفاشي العسكري وعامل الحاضنة الاجتماعية عبر كتلة كبيرة بالملايين وحلقة شمال شرق سوريا والعامل الكردي والتركي والأمريكي، وحلقة الوجود الأمريكي بحد ذاته من التنف والعسكرة  والعلاقة بالنفط ودور ضبط التناقضات بين حلفائه، في المحصلة اللجنة تشير وتؤكد انتصار خط السلطة وحلفائها، وإعادة إنتاج نفسها، وانكسار خط الأصولية الفاشية بمسمياتها وحلفائها، بذلك تصبح فكرة مسار الحوار الداخلي أكثر وضوحا في أهميتها وضرورة قيامها  وفرض شرعية وجودها.

6 ـ عمقت تداخل أجندات القوى الإقليمية والدولية الأزمة في سوريا، ما قراءتكم للمشهد السياسي السوري بشكل عام؟

المشهد السوري الآن باحتمالات تطوره  يشير إلى تقدم وانتصار السلطة ومشروعها وإعادة إنتاج ذاتها حتى ولو أن ذلك لن يكون مطابقا للماضي، وفي المقابل هزيمة مشروع الأصولية الفاشية بمسمياتها المختلفة، ولسان حالها من النخب وهيئات ومؤسسات المعارضة الخارجية وحلفائها.

استمرار وجود خطر وحساسية لعدة حلقات كما ذكرتها قبل قليل ستتابع تناقضها وصراعها مع مشروع السلطة وحلفائها وهي تتراجع، الموقف الروسي أكثر صلابة وثباتا من الموقف الأمريكي والتركي، وأقل قابلية للتغير والتأثر من منظورات انتخابية وحاجاتها.

ستتفاقم الأزمة المعيشية والاقتصادية بسبب الحصار من جهة ونهج بنية السلطة وتحالفاتها الاجتماعية الطبقية وانحيازها للصف الطفيلي والفاسد وأمراء الحرب وسيبقى دورها محاولة ضبط مثل هذه الأزمات مع استحالة القدرة على حلها جذريا بأفاق جديدة، أو لصالح الكتلة الاجتماعية الشعبية الغالبية، وسيكون المسرح السوري دائما في وضعية الحساسية العالية والتأثر الشديد بالوضع العام في المنطقة خاصة العراق ولبنان، لكنه مشهد سيستمر في قيادة وبنية ونهج السلطة ووسائلها، بصورة عمومية.، بذلك سيتابع المشهد قيام ولحظ استمرار نهج السلطة القمعي في إعادة إنتاج نفسها وإدارتها للازمة بصورة احتكارية إنما ليس بصورة مطابقة للماضي، ربما بصورة أقل قسوة، وفي المقابل سيشهد الوطن والدولة والوضع الجغرافي والعسكري تقدما مركزيا في الإطار المفاهيمي الوطني العام وستحصل استعادة تراكمية بطيئة للشروط الجيوسياسية السورية الوطنية السابقة وقدراتها التأثيرية، وسيتابع الطرف الآخر الأصولي وحلفاؤه الضغط والمناورات وحتى العنف لفرض شروط جديدة وفرض حالة اقتسام كعكة سياسية مع السلطة، مع الضعف الشديد في احتمالية نجاح مثل ذلك.

وأرجح قيام حالة تحسن جزئي في شروط نشاط وعمل المعارضة الوطنية الداخلية وكتلتها الاجتماعية الغالبية تحت ضغط الظروف الاجتماعية المعيشية الكارثية واحتمال ارتقاء تأثيرها وإرادتها

أخيرا هي عودة في أهمية الشروط الداخلية للنشاط والكفاح السياسي مع كل صعوباته وتعقيداته ليصبح النشاط الخارجي وقواه وتحالفاته ووسائله بوضوح شديد معيقا شديداً في عودة دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوطنية على الرغم من كونها بطيئة وتحدياتها عديدة وكبيرة.

حوار: رزان أيوبي