دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

علي الأمين السويد لأوغاريت: دخول “تحرير الشام” إلى ريف حلب جاء بتفاهمات مع فصائل المعارضة.. وتركيا تسعى إلى تمزيق سوريا وتقسيمها  

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – سيطرت “هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة” على عدد من القرى في ريف مدينة عفرين بريف حلب، على الرغم من توقيع اتفاق وقف الاقتتال، الأمر الذي رأى فيه الكثيرون تأكيداً على سعي الهيئة للتمدد في مناطق سيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا، كما أثارت انسحابات الفصائل من مواقعها بريف حلب تساؤلات كثيرة حول عملية الاستلام والتسليم لصالح “تحرير الشام”.

ويوم السبت الماضي، اندلعت اشتباكات عنيفة بين “الفيلق الثالث” الذي تقوده “الجبهة الشامية” وبين “الفرقة 32” التابعة للفيلق والتي أعلنت الانشقاق عنه، بعد رفض قادة الفرقة القبول بقرارات لجنة خاصة تشكلت للنظر في الخلاف، لتتدخل بعدها “هيئة تحرير الشام” لمساندة “الفرقة 32” حيث أرسلت مئات الأليات العسكرية والدبابات والأسلحة الثقيلة وعدد كبير من العناصر إلى مناطق سيطرة الفصائل كما بسطت سيطرتها الكاملة على عدد من القرى والبلدات وصولاً إلى مشارف مدينة عفرين بريف حلب.

وخلال حوار خاص مع الكاتب والسياسي السوري المعارض، علي الأمين السويد، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من التساؤلات حول تمدد “هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة” في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا، وهل ستكون المناطق التي دخلتها “تحرير الشام” مؤخراً هدفاً عسكرياً لروسيا والحكومة السورية.

 

وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع السيد علي الأمين السويد:

 

كيف تنظر إلى تمدد “هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة” في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا.. ما الهدف من ذلك؟

منذ أن أصبحت تركيا عضوا في فريق أستانا، تسلمت ملف جبهة النصرة الإرهابية، وأصبح هذا التنظيم الإرهابي بكافة مسمياته اللاحقة التي كان آخرها هيئة تحرير الشام أداة حاسمة في يد المخابرات التركية لتنفيذ المصالح التركية العليا والمصالح الأسدية. فبفضل “هتش” استطاعت تركيا تنفيذ اتفاقاتها مع روسيا ونظام الأسد وإيران على إخلاء ريف ادلب الجنوبي وتسليمه للنظام. فقد قامت بإجبار الفصائل التي كانت ما تزال تعتقد بقدرتها على مقاومة النظام على الانسحاب إلى الشمال بعد تسليم سلاحها الثقيل.

وتحمي “هتش” كلا من نقاط المراقبة التركية وجبهة النظام من أي اختراق من قبل الثوار لمنعهم من مهاجمة النظام أو القوات الإيرانية والروسية. وبالرغم من أن تركيا صنفت “هتش” كمنظمة إرهابية، إلا أن هذا التصنيف لا يبدو أنه ليس أكثر من ورقة توفر لتركيا مساحة أكبر من المراوغة والالتفاف على القوانين الدولية.

وتتفرغ “هتش” لإدارة المناطق التي تعج بالنازحين السوريين في الشمال السوري بمساعدات وبتعليمات ودروس من قبل النظام التركي. فبالاتفاق مع تركيا، قامت بفرض تداول العملة التركية، وأصبحت البضائع التركية هي السائدة في السوق التجاري الشمالي.

وقد قام عدة مسؤولين كبار في حكومة الاحتلال التركي بزيارات متعددة للمناطق التي تسيطر عليها “تحرير الشام” وبحماية الأخيرة. فقد زار صويلو وزير الداخلية التركي مناطق “هتش” أكثر من مرة. وقام الولاة الاتراك المحاذين لإدلب بعدة زيارات لحكومة الإنقاذ التي تدعهما جبهة النصرة. وفي الشهر الماضي أعلن عن محاضرة سيلقيها ياسين أقطاي مستشار الرئيس أردوغان في جامعة إدلب يتحدث فيها عن تجربة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في كيفية إدارة البلاد وتحقيق النجاحات.

لقد نجحت “هتش” في السيطرة الإدارية الكاملة على مناطق إدلب، واستطاعت أن تثبت فاعليتها في إخضاع الناس لرغباتها، وارهابهم، وتطويعهم عن طريق الضغط الاقتصادي عليهم من خلال فرض الإتاوات على كل شيء بحجة دفع الضرائب والزكاة. مما جعل المواطن النازح زاهدا في أي إمكانية للتغيير أو الخلاص، فصار مطواعا للإرادة الحاكمة التي تبدأ بإرادة أصغر إرهابي في “هتش” وتنتهي بإرادة رأس دولة الاحتلال التركي أردوغان.

وبسبب نجاح “هتش” بفرض سيطرتها على الشمال السوري، اختارتها تركيا المحتلة لتكون الوعاء الذي يوحّد مناطق إدلب مع المناطق التي تحتلها تركيا بمساعدة الفصائل المرتزقة المسماة الجيش الوطني.

وما هذه التحركات الأخيرة إلا تنفيذا لتلك الاجندة التي بدأت باجتماعات جمعت قادات الجيش الوطني الموالين لتركيا مع قادات “هتش” للتباحث حول آليات انتقال السلطة بشكل سلس إلى الأخيرة.

وبنتيجة تلك التفاهمات، دخلت عدة كتائب كاملة من “هتش” الى مناطق الدرع وغضن الزيتون وغيرها تحت علم أحرار الشام، وتحت راية مسميات أخرى. واليوم وعلى ما يبدو فقد انتشر عناصر “هتش” في جميع الفصائل المنتشرة في الشمال المحتل من قبل تركيا وأصبحت الفصائل المرتزقة مخترقة من قبل “تحرير الشام” للعظم.

هل سقوط عدة مناطق في ريف حلب وصولاً إلى مشارف عفرين بقبضة “تحرير الشام” جاء بموافقة تركية؟

لا يتحرك أي مسلح في الشمال السوري مهما كانت صفته، ومهما كان مسمى فصيله إلا بأوامر من المخابرات التركية. وقد لاحظ المراقبون كيف انسحب الضباط الأتراك من الحواجز التي تفصل بين مناطق إدلب ومناطق الدرع التي اقتحمتها “هتش”، وكيف جاءت التعليمات لعناصر ميليشيات الجيش الوطني بعدم التعرض لعناصر “هتش”، فدخلت الأخيرة وأدت المهمة الموكلة اليها بكل سهولة.

 

هل تسعى تركيا لإنهاء فصائل موالية لها من خلال التغاضي أو التورط في الاقتتال الأخير مع “هيئة تحرير الشام”؟

استطاعت تركيا بحكم مجاورتها للحدود السورية الشمالية السيطرة ماليا، وعسكريا، ولوجستيا واستخباراتيا على جميع المسلحين الذين رفعوا السلاح في وجه النظام مثل الجيش الحر، وعلى التنظيمات الإرهابية التي رفعت السلاح في وجه الشعب السوري وفي وجه الجيش الحر.

وبحكم سيطرتها المطلقة، قامت بتشكيل الفصائل المسلحة بطريقة تضمن لها تنفيذ مآربها في الشمال السوري بكل انسيابية. فعينت شخصيات جاهلة ومغمورة وليس عسكرية على رأس التشكيلات المسلحة مثل القائد محمد الجاسم أبو عمشة، ومثل التركماني تاجر الأحذية فهيم عيسى، بالإضافة إلى ضباط منشقين لم يكن لهم باع في الثورة، وربما كانوا من أعداء الثورة ولكن الظروف رمتهم في حضن الثورة. بينما كان معظم العناصر العاديين المشكلين لتلك التنظيمات من المرتزقة الذين يبحثون عن لقمة العيش أولاً وأخيرا.

إلا أن تلك الفصائل ضمت بعضا من المقاتلين الذين يعتقدون بأنه مازالت لديهم رؤية ثورية، وأنهم قادرون في لحظة من اللحظات على الانقضاض على النظام انطلاقا من مواقعهم بين صفوف المرتزقة. تركيا تريد إخضاع هذه الفئة، بل القضاء عليها. وللقضاء على هذه الفئة لا يوجد أقذر من “هتش” لتنفيذ هذه المهمة بعد أن برهنت على قدرتها العالية في تنفيذ مهمات القضاء على الفصائل المحتلة.

تركيا تريد إخضاع من تسول له نفسه مهاجمة النظام الأسدي، ومن تسول له نفسه رفض الاحتلال التركي، ومن يرفض الانضمام الى “هتش” مستخدمة إرهاب “جبهة تحرير الشام” في محاولة توحيد الشمال السوري المحتل من قبل تركيا تحت مسمى منطقة آمنة حاليا، وتحت مسمى منطقة حكم ذاتي مستقبلاً قبيل التعامل معه كما تتعامل تركيا مع قبرص التركية لاحقاً.

هل تعتقد أن المناطق التي تدخلها “تحرير الشام” قد تكون هدفاً عسكرياً لروسيا والحكومة السورية مستقبلاً ؟

لا تقوم تركيا بأي خطوة في الشمال السوري دون التواطئ مع الاحتلال الروسي ومع ميليشيات إيران وجيش بشار الأسد. لذلك لن يكون هنالك أي صدام بين النظام الاسدي والنظام التركي.

فهيمنة تركيا على الشمال ترفع عن كاهل النظام عبئ تحمل إدارة مناطق يسكنها شعب معارض للنظام، بالإضافة إلى كون ذاك الشعب يشكل عبئا اقتصاديا هائلا يرى نظام الأسد أنه غير قادر ولا مؤهل ولا متفرغ لتحمل أعباءه.

لذلك من غير المرجح أبدا قيام النظام بمحاربة تركيا التي هي حليفته من تحت الطاولة.

هذه الخطوة كيف ستؤثر على مستقبل سوريا ؟

ما تفعله تركيا بمساعدة من روسيا، ونظام الأسد، وإيران سيساهم بلا شك في تمزيق سوريا حاليا وسيقسمها الى عدة مناطق تدير نفسها بنفسها وسيبقى الوضع على ما هو عليه، حتى يسقط نظام الأسد لسبب ما، أو أن يخسر نظام أردوغان السلطة، أن تتغير التحالفات الدولية بحيث تجري لمصلحة الشعب السوري. أما حاليا، فالأمور تجري في كل قناة إلا في قناة مصلحة الشعب السوري، كل الشعب السوري.

 

حاوره: يعقوب سليمان