دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

صحيفة: لم تعد تركيا والناتو متحالفين…حتى لو لم يعترفوا بذلك

بعد انضمام تركيا إلى الناتو في عام 1952، أعرب الزعيم التركي حينها، عدنان مندريس، عن رغبته في أن تكون حكومته “العمود الفقري” للتحالف العسكري الغربي. وبعد ما يقرب من 70 عامًا، تغيرت تركيا بشكل جذري، ومن بين أعضاء الناتو الثلاثين، تعد تركيا واحدة من أقدم الدول، لكنها الآن الأكثر عزلة.

كان لتركيا ذات يوم ولاء غير مشروط لحلف الناتو، واستخدمت موقعها الاستراتيجي لإثبات أهميتها للمنظمة. في عام 1955، انضمت إلى حلف بغداد، وهو تحالف إقليمي دعمه الناتو وكان يضم كل من بريطانيا والعراق وإيران وباكستان، بهدف منع تسلل الاتحاد السوفيتي إلى الشرق الأوسط.

وفي العام التالي، وقفت تركيا إلى جانب بريطانيا في مواجهة مصر أثناء أزمة السويس. كتب سايمون سميث، في كتابه إعادة تقييم السويس 1956، أن حكومة مندريس لم تعتبر نزاع قناة السويس مشكلة ثنائية بين المملكة المتحدة ومصر، ولكنها مشكلة تتعلق باستراتيجية الناتو بأكملها. وقال مندريس حينها: “تركيا مقتنعة بأن المملكة المتحدة تعمل كوصي على أحد المواقع الرئيسية في العالم الحر”.

لكن تحت قيادة أردوغان، ابتعدت تركيا 180 درجة عن اتفاقها الموحد مع حلفائها في الناتو. لقد تبنت تركيا، مثل غيرها من الأعضاء غير الغربيين في حلف بغداد القديم(إيران وباكستان) نسختها الخاصة من القومية الإسلامية، بينما أظهرت درجات من الشك والعداء تجاه العالم الغربي.

ليس سراً أن قمة الناتو هذا العام عقدت على خلفية قائمة طويلة من النقاط الساخنة بين تركيا وأعضاء الناتو الآخرين، والعلاقات الغامضة مع المنافسين الرئيسيين للحلف، روسيا والصين.

في عام 2017، حصلت تركيا على نظام صواريخ روسي الصنع. وأجبرت إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، إحدى أكثر الإدارات الأمريكية ودية تجاه تركيا أردوغان، على فرض عقوبات على أنقرة العام الماضي. استمر النزاع الشائك مع انتهاء رئاسة ترامب، الأمر الذي أجبر إدارة بايدن على استبعاد تركيا من اتفاقية التصنيع المشترك لطائرات الشبح الأمريكية.

بالإضافة إلى نزاعات الصواريخ الروسية والطائرات الأمريكية، تختلف الولايات المتحدة وتركيا حول قائمة طويلة من القضايا، بما في ذلك دعم الولايات المتحدة لقوات سورية الديمقراطية وكذلك الاعتراف الرسمي من إدارة بايدن بالإبادة الجماعية للأرمن. على صعيد حقوق الإنسان، أصدر البيت الأبيض بيانًا شديد اللهجة عقب انسحاب تركيا من اتفاقية اسطنبول بشأن منع العنف الأسري ضد المرأة.

وعلاوة على ذلك، تتمتع تركيا بعلاقات متوترة مع اليونان وفرنسا وقبرص، ومما زاد الطين بلة، هو ما أثارته تركيا عندما دفعت أعضاء الناتو إلى تخفيف رد فعلها الرسمي على اجبار سلطات بيلاروسيا لطائرة ركاب من أجل اعتقال صحفي معارض على الهبوط.

وقبيل اجتماع بروكسل، أدلى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بتصريحات تصالحية إلى باريس وأثينا وواشنطن. وزار جاويش أوغلو بعد ذلك كل من اليونان وفرنسا، وأصر على أن تركيا وفرنسا يجب أن تحافظا على علاقات مستقرة “كحليفين”. في أثينا، وافق أوغلو ونظيره اليوناني، نيكوس ديندياس، على “مواصلة التعاون بشأن الأجندة إيجابية لحل القضايا الثنائية العالقة”. وعلاوة على ذلك، لإثبات أهميتها للناتو، عرضت تركيا تشغيل المطار الرئيسي في كابول، على الرغم من إدانة جماعة طالبان للاقتراح.

وفي القمة، كما كان من المتوقع، لم تكن هناك اية اختراقات، ولم يتم حل أي من القضايا الكبيرة التي تعصف بالعلاقات بين حلفاء الناتو، ولكن السيد أردوغان وصفه بأنه “مثمر وصادق”.

إن موقف أردوغان بشأن الصواريخ الروسية سيكون بلا شك عقبة رئيسية أمام أي تعاون عسكري مشترك بين الولايات المتحدة وتركيا في المستقبل.

هناك قول مأثور مفاده أن من يركب حصانين في وقت واحد سينشطر الى قسمين. هذا يلخص ما يدور في تركيا اردوغان، التي تمتطي حصان التحريفية الإسلامية العثمانية، لكنها لا تزال تتمسك بنادي الناتو ومزاياه المرموقة. لقد حرمت هذه الثنائية تركيا من ثقة العديد من زملائها أعضاء الناتو وكذلك الأنظمة المناهضة للتطرف في العالم العربي.

باب رأب الصدع بين تركيا والناتو مغلق تمامًا، وعاجلاً أم آجلاً، ستظهر جميع القضايا الشائكة مرة أخرى. ومع ذلك، قد يتم تأجيل حل المعضلة التركية حتى قمة أخرى للناتو.

المصدر: صحيفة ذا ناشيونال الاماراتية

ترجمة: أوغاريت بوست