دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

صحيفة أمريكية: الشرق الأوسط الجديد يتشكل في حين تنسحب الولايات المتحدة منه

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بينما يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سحب قوات بلاده من منطقة الشرق الأوسط المضطربة، بدأت علامات تشكيل شرق أوسط جديد، يظهر فيها خاسرون كبار ورابحون كبار.

ويقول الكاتب الأمريكي ديفيد اغنياتيوس في تحليل له في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، اليوم، إن الهدف من لوحة هذا الأسبوع لقادة إسرائيليين وبحرينيين وإماراتيين في البيت الأبيض كان من أجل إيصال رسالة مطمئنة بأن الولايات المتحدة لا تزال قوة قوية من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ولكن لسوء الحظ، أن هذه الصورة المتفائلة مضللة.

فالولايات المتحدة ما زالت تراوح مكانها في هذه المنطقة المضطربة، إنها تحتفظ بقوات عسكرية في سوريا والعراق وأفغانستان، تعمل على مراقبة الإرهابيين، لكن الوجود الأمريكي يتضاءل.

وكما يتعلق مستقبل الشرق الأوسط بانحدار القوة الأمريكية والديناميكيات الداخلية الجديدة، الإيجابية والسلبية، التي تملأ الفراغ.

ومع اقتراب الرئيس ترامب من نهاية فترة ولايته، الذي لم يحقق هدفه المتمثل في سحب القوات الأمريكية بالكامل من “الحروب التي لا نهاية لها”، لكنه اقترب، وبحلول يوم الانتخابات، سيكون للولايات المتحدة 4500 جندي في أفغانستان، ونحو 3000 في العراق، وأقل من 1000 في سوريا، ربما كان يرغب ترامب في أن تكون الأرقام صفرًا، ولكن إذا سحب القابس تمامًا، فسوف يجعل المواقف السيئة هناك أسوأ.

اسرئيل المستفيد الأكبر

إن سجل أداء الفائزين والخاسرين في الشرق الأوسط الجديد واضح، وربما تكون إسرائيل هي المستفيد الأكبر، حيث تخلصت بشكل متزايد من عزلتها السابقة باتفاقات التطبيع هذا الأسبوع، وكذلك الإماراتيون هم من الرابحين الكبار أيضًا، حيث يتجهون نحو رؤيتهم لمنطقة شبيهة بأوروبا ذات حدود مفتوحة للتجارة والاستثمار.

ويلخص مسؤول إماراتي المنطق البراغماتي بهذه الطريقة “ما نحاول قوله هو: لم نعد نؤمن بالأيديولوجيات المهترئة، نحن بحاجة إلى التركيز على المستقبل، والعلوم، والتكنولوجيا، وإقامة شراكة تجارية مع الجميع”.

وأما الفائز الثالث هو تركيا، المستفيد المفاجئ والخطير من تراجع القوة الأمريكية، حيث ينظر بعض القادة العرب الآن إلى تركيا على أنها تهديد أكبر من إيران للاستقرار الإقليمي، فالقادة العرب الذين اشتكوا ذات مرة من هيمنة إيران على العواصم العربية يتحسرون الآن، حيث وصل النفوذ التركي الى حلب والموصل وطرابلس والدوحة ومقديشو.

لقد كان ترامب هو العامل الرئيسي في تمكين أردوغان، لكن هذا الاحترام قد ينتهي، وليس فقط بسبب احتمال هزيمة ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر، ولكن يبدو أيضًا أن ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو مستاءان بشكل متزايد من مسعى أردوغان العنيد للهيمنة الإقليمية ومغازلته لروسيا.

السعودية الخاسر الأكبر

وأما الخاسر الأكبر في الشرق الأوسط الجديد، بحسب الكاتب، هو المملكة العربية السعودية، التي يمثل تراجعها الجانب الآخر لقوة تركيا الصاعدة، فالمملكة لديها تأثير أقل في المنطقة اليوم من أي وقت مضى في الجيل الماضي، فالرياض تعاني أيضًا من الانتكاسات في اليمن ولبنان وسوريا وباكستان ودول أخرى.

ولا تزال مناطق الحرب في المنطقة هشة، عالقة في شد الحبل بين رغبة ترامب في سحب القوات وتصميم البنتاغون على البقاء حتى تصبح الظروف أكثر استقرارًا.

أفغانستان

وفي أفغانستان، قد يكون الفائزون هم الأشرار، إن طالبان “المخمرة بالنصر”، على حد تعبير أحد المسؤولين، لم تف بعد بوعودها للحد من العنف وقمع القاعدة، حتى وهي تبدأ مفاوضات السلام مع حكومة كابول.

وتعهد ترامب بسحب جميع القوات الأمريكية بحلول أيار/مايو إذا سمحت الظروف بذلك، ولكن القادة الأمريكيين يشككون في أن هذا الاختبار سيتم الوفاء به.

العراق

لقد حقق ترامب بعض النجاح المرحب به في العراق، حيث يثبت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وهو رئيس مخابرات سابق وغير معروف سياسيًّا، أنه أحد أفضل القادة العراقيين منذ الغزو الأمريكي عام 2003.

فالكاظمي يسير على حبل مشدود بين الولايات المتحدة وإيران، ويوافق على استضافة قوة مخفضة تبلغ حوالي 3000 جنديًّا أمريكيًّا لتدريب جيش عراقي يبدو قويًّا بما يكفي لقمع داعش، بل ويقف (في بعض الأحيان) في مواجهة الميليشيات المدعومة من إيران.

سوريا

ولكن مازال الكابوس السوري مستمر، حيث فقدت الولايات المتحدة معظم نفوذها بسبب حرص ترامب على دعوة أردوغان لغزو الشمال، حيث تحتل تركيا الآن مساحة كبيرة من البلاد، وكذلك تزداد حكومة بشار الأسد فسادًا، ولا يملك حلفاؤه الروس الموارد أو الصبر لتنظيف هذه الفوضى.

القضية الفسطلينية

واما بالنسبة للفلسطينيين فقد أصبحوا الخاسرين الدائمين في لعبة الشرق الأوسط، وقد تكون ورقة المساومة المتبقية لديهم مجرد عناد ورفض لاستيعاب خطة ترامب للسلام التي تصادق على هزيمتهم، فالقضية الفلسطينية، شأنها شأن الحروب التي لا نهاية لها في المنطقة، ستظل موجودة لإثارة غضب المنتصر في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر).