دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

سياسي سوري: سوريا ساحة صراع نفوذ بين دول أجنبية والظروف الدولية تسمح بإحداث تغير فيها

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع تفشي وباء كورونا في العالم، وما أعقبه من دعوات لوقف إطلاق النار في أنحاء العالم لادخار الجهود لمكافحته، لا سيما في سوريا وليبيا واليمن، يتأمل السوريين أن تكون هذه الجائحة؛ رغم تداعياتها المأساوية، دافعاً لأطراف الصراع لإنهاء كارثتهم المستمرة منذ تسع سنوات.

ورغم أن جغرافية المعارك والمواجهات المباشرة انحسرت في البلاد بشكل كبير، وأصبحت محصورة بمنطقتي “خفض التصعيد” و “شرق الفرات” بموجب اتفاقات بين القوى الأجنبية التي تدير الأزمة السورية، إلا أن المعطيات الميدانية، توحي بعودة جولة أخرى من المواجهات إن لم يتم التوصل إلى حل سياسي تنهي الحرب السورية.

حول الأزمة السورية، ومعضلة إدلب و شرق الفرات، ووجود القوات الأجنبية في سوريا، أجرت “أوغاريت بوست” حواراً مع عضو الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الديمقراطي السوري، مرام داؤد.

ويرى السياسي السوري أن الصراع في سوريا هو بالأساس صراع نفوذ بين القوى التي تدير الأزمة السورية، وبالتالي فإن انتشار كوفيد ـ 19 في العالم، ربما ستخلق فرص للحل السياسي في سوريا، وتدفع المجتمع الدولي نحو عملية السلام. أما فيما يخص منطقتي إدلب وشرق الفرات، فإن ملفهما بيد أطراف الصراع الدولية، وليس للأطراف المحلية ذلك التأثير الكبير، إلا إذا توافقت فيما بينها، بحسب داؤد.

وفيما يلي نص الحوار الكامل مع عضو الأمانة العامة للمؤتمر الوطني الديمقراطي السوري، مرام داؤد:

ـ هل تعتقدون أن الظروف المحلية والدولية ملائمة لحل سياسي للأزمة السورية، وهل يمكن ذلك دون وجود حل لمنطقتي خفض التصعيد و شرق الفرات؟

قبل انتشار كوفيد ـ 19 في العالم لم تكن الدول التي تدير الأزمة السورية والمؤثرة في ملفها، قادرة على ايجاد صيغة للتقدم بالحل السياسي، وحاولت إبعاد الاتحاد الأوروبي، وإلى حد ما الولايات المتحدة؛ رغم أن الأخيرة لديها حضور في شرق الفرات، وعلى هذا الأساس عملت على توزيع مناطق نفوذ فيما بينها، والابقاء على الوضع كما هو، إلى أن تفشى فيروس كورونا في العالم.

الأطراف المحلية في سوريا لم يكن لها تأثير بشكل كبير على الوضع السوري، فلا النظام ولا الميليشيات لها كلمة فيه، واليوم الأزمة السورية هي صراع للنفوذ أكثر ما يكون للسوري أي دور، على هذا الأساس فإن الظروف الدولية حالياً أفضل، باعتبار أن فيروس كورونا انتشر في العالم، ولذلك تأثير كبير على عمليات السلام بشكل عام، وهذا ما دفع الدول الأعضاء في الاتحاد الاوربي إلى مراجعة سياساتها في الكثير من القضايا، وإعادة تقييم نظرتها لمناطق الصراع في العالم، ووضع استراتيجياتها من جديد، بالتالي أعتقد أن الظروف الدولية تسمح اليوم بالتغيير في الملف السوري، لكن ذلك يحتاج إلى تقدم بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، وطبعاً يتضمن دمج تركيا وإيران في أي حل محتمل، وإلى حد ما الولايات المتحدة كلاعب في الملف السوري، وليس كإدارتها الحالية التي لا يمكن التنبؤ بقراراتها التالية.

ـ  كيف تقرأ مستقبل إدلب، في ظل وجود تنظيمات “متشددة” محسوبة على “تنظيم القاعدة” وبعضها مصنف في قوائم “الارهاب” الدولية أيضاً، إلى جانب فصائل المعارضة السورية، وكيف يمكن حل هذه المعضلة ؟

مسألة تصنيف الإرهاب مطاطة جداً بين الدول، فبعض الدول تصنف منظمات بعينها إرهابية بينما لا تكون كذلك في دول أخرى، لذلك لا يؤثر وجود هذه المنظمات في إدلب بشكل كبير في الملف، فالمنظمات والفصائل المتشددة موجودة لدى النظام أيضاً، لذا العامل المؤثر في ملف إدلب ليست هذه الفصائل المتشددة؛ لإنها ربما تكون بشكل أو بآخر كبش فداء بالأخير، فمثلاً يمكن أن تكون جبهة “النصرة” ضحية لأي أتفاق روسي ـ تركي ـ إيراني أو دولي، بالتالي فإن بضع هجمات على مواقعها تكفي لإنهاء المسألة وإعلان القضاء على الإرهاب، لكن المعضلة الأساسية هي ايجاد التوافق بين الميليشيات؛ المختلفة عن بعضها؛ والتي تم استقدامها إلى إدلب طوال الفترة الماضية.

ـ ما هي الحلول المناسبة لمنطقة “شرق الفرات” برأيكم، خاصة في ظل التواجد الأمريكي غير الواضح، كذلك سيطرة تركيا على مساحات واسعة من المنطقة، وعدم نجاح أي حوارات بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية ؟

ليس هناك حل مناسب لشرق الفرات، إلا بالحوار مع دمشق، ولكن مع الأسف لا نستطيع نحن السوريين أن نكون مؤثرين، فدائماً يتم الحديث عن صفقة روسية ـ أمريكية لحل مشكلة “شرق الفرات” أو روسية ـ تركية.. الخ، برأي أن الحل يكمن في حوار بين حركة المجتمع الديمقراطي؛ باعتبارها هي المسيطرة بالأخير على الإدارة الذاتية، وبين النظام السوري، وأعتقد أن أي حوار بين هذين الطرفين يمكن أن يؤدي إلى حل، فبالنهاية حركة المجتمع الديمقراطي يبحث عن شكل من أشكال الحكم الذاتي، ويمكن تحقيق ذلك من خلال توسيع صلاحيات الإدارات المحلية، في المقابل النظام الذي لديه مشكلة القمع السياسي فإن قبوله بأي مفاوضات مع طرف آخر يعني انتهاء شرعية الحزب الواحد، والاعتراف بوجود أكثر من جهة سياسية، وبالتالي إطلاق الحريات السياسية، لذلك فإن أي اتفاق بينهما يعني وضوح أكثر لمستقبل سوريا وحلحلة الموضوع السوري، لكن المشكلة تكمن في عناد الطرفين وبالتالي الالتجاء إلى الأطراف الخارجية من أجل التوسط، وأنا شخصيا أميل لفكرة توسيع صلاحيات الإدارات المحلية، او حتى الفدرالية؛ رغم أن لهذا المصطلح وقع سيء في مجتمعنا العربي، لكن في دول ما بعد الصراع دائما هناك حاجة لقوانين إدارة محلية “واسعة الصلاحيات” لتساهم بعملية التنمية، والحلول المركزية غير مجدية.

ـ هناك قوات أجنبية عدة في سوريا، بعضها يعتبرها جزء من السوريون “قوات احتلال” وبعضها الآخر “حلفاء”  وأخرى موجودة في إطار محاربة داعش … إلخ، كيف ترون مستقبل الوجود الأجنبي في سوريا، هل يمكن أن نرى سوريا مرة أخرى خالية من القوات الأجنبية ؟

باعتقادي ليست هناك قوات احتلال أو قوات حلفاء في سوريا، فبالنهاية كلهم قوات أجنبية موجدة في سوريا، وعن طريق القانون الدولي يراوغون في هذه المسألة، فروسيا مثلاً تقول أنها جاءت إلى سوريا بدعوة من النظام وفقاً للقانون الدولي، والولايات المتحدة أيضاً تقول أنها موجودة في سوريا بموجب قرار من المجلس الأمن لمحاربة داعش، أما فيما يخص مستقبل القوات الأجنبية في سوريا فهذه المسألة لا يمكن التنبؤ بها، ولكن إن توافق السوريين وتمكنوا من التوصل إلى حل، فإن خروج هذه القوات ممكن، لكن مع بقاء نفوذها، أي استبدال الوجود العسكري، بنفوذ اقتصادي وغيرها.

حوار: رزان الأيوبي