دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

روسيا تكثف اتصالاتها مع دمشق والقامشلي والحديث عن جولة تفاوضية جديدة .. فهل ستأتي بجديد ؟

أوغاريت بوست (مركز الاخبار) – بعد الانتهاء من محافظة درعا وإعادتها لسيطرة الحكومة السورية، تعمل روسيا على إعادة أجزاء أخرى خارجة عن سيطرة الحكومة وهذه المرة تتجه أنظار موسكو نحو المنطقة الشمالية الشرقية، والتي تعتبر “السلة الغذائية” و “منبع النفط” لسوريا، والتي تحكمها الإدارة الذاتية منذ بداية الأزمة.

الشمال الشرقي .. منطقة ابتعدت عن الصراعات على السلطة

وكانت هذه المنطقة الشمالية الشرقية خلال سنوات الحرب والصراع على السلطة في سوريا، بعيدة تماماً عن هول الحروب والاشتباكات والمدافع والبراميل و الغارات الجوية، كما نجحت القوات العسكرية المتمثلة بسوريا الديمقراطية “قسد” بالقضاء “الجغرافي” على تنظيم داعش الإرهابي و استعادة كل المناطق التي كان يسيطر عليها.

التعامل الروسي مع الإدارة الذاتية يختلف عن باقي الأطراف السورية

وعلى عكس باقي المناطق السورية، تحاول روسيا إجراء اتفاق بين السلطات في المنطقة الشمالية الشرقية ودمشق عبر الحوار والطرق السياسية والدبلوماسية، ولأجل إنجاح هذه النوايا دعت وزارة الخارجية الروسية مرات عدة وفود من الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية “مسد” لزيارة موسكو.

والتقت الوفود في الزيارات التي أجرتها بمسؤولين روس رفيعي المستوى، على رأسهم وزير الخارجية سيرغي لافروف والمبعوث الرئاسي الروسي الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، وجرى التباحث حول “التسوية السياسية” للأزمة السورية؛ خاصة في الزيارة الأخيرة قبل أسبوعين، وحل الأزمة السورية وفق القرارات الأممية ومنها 2254، وان تكون للعرقيات والقوميات والأثنيات الأخرى في سوريا دور لها في مستقبل البلاد.

التعامل الروسي مع الإدارة الذاتية يختلف تماماً مع تعاملها مع باقي الأطراف السورية، حيث الاحترام المتبادل و العلاقات المتميزة واعتبار الطرفين أنهما “أصدقاء” وهذا ما أكدته تصريحات مسؤولي الطرفين، خاصة مع إشادة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدور قسد في محاربة الإرهاب، والخدمات التي تقدمها الإدارة الذاتية لأكثر من 6 ملايين نسمة يعيشون في المنطقة التابعة لها.

وتتواجد روسيا عسكرياً في مناطق الإدارة الذاتية إلى جانب قوات الحكومة السورية عبر تفاهمات عسكرية سابقة جرت مع القيادة العامة في قسد، وذلك قبل العملية العسكرية التركية في المنطقة المسماة “بنبع السلام” لوقف الهجوم التركي.

موقف الإدارة الذاتية وقسد من التفاوض مع دمشق

ولم تمانع الإدارة الذاتية قبل وبعد الهجوم التركي من الدخول في عملية تفاوضية مع الحكومة السورية لحل الخلافات بين الطرفين، حيث ترغب الإدارة الذاتية “بنظام حكم لا مركزي” يضمن لها الاعتراف بالدستور، كما أن قسد أبدت مرات عدة استعدادها للانضمام للجيش السوري لكن بشريطة الحفاظ على خصوصيتها، والمشاركة في التصدي لأي عدوان يطال الأراضي السورية جنباً إلى جنب مع الجيش السوري.

وحول ذلك، قال الكاتب الروسي إيغور سوبوتين في مقال له في صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا”، أن موسكو تنشط اتصالاتها مع مختلف القوى الكردية لمساعدة دمشق في استعادة السيطرة على المناطق الشمالية الشرقية، وأن ممثلو القامشلي ودمشق شرعوا في جولة جديدة من المحادثات حول التفاعل الاقتصادي والسياسي، وأشار الكاتب إلى أن دمشق تصر على اندماج قسد بشكل كامل في قواتها النظامية، وعلى عودة حقول النفط، ولفت أن من المهم بشكل مبدئي للأكراد السوريين إقرار وضعهم القانوني.

وكانت رئيسة الهيئة التنفيذية لمسد، إلهام أحمد، أكدت في تصريحات سابقة لها أن كل الثروات التي تحويها المنطقة الشمالية الشرقية ليست حكراً على أحد أنما هي لكل السوريين، مبدية استعداد القامشلي بالتفاوض مع أي طرف كان في سبيل حل الأزمة السورية بما يحفظ وحدة البلاد واستعادة الأراضي المحتلة.

الموقف الأمريكي .. وهل ستوافق الأطراف الأخرى على الاعتراف بالإدارة الذاتية ؟

كما نقلت تقارير إعلامية روسية عن الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية، أنطون مارداسوف، لـ “نيزافيسيمايا غازيتا”، إن سبب تكثيف المفاوضات بين دمشق والقامشلي يكمن في السياسة الأمريكية، وأضاف “إدارة بايدن تتخذ موقفا وسطا إلى حد ما بشأن القضية السورية، وهي لا تُظهر بأي شكل من الأشكال أن هذا الملف يمثل أولوية بالنسبة لها. ربما تكون هذه سياسة متعمدة من أجل عدم إثارة نقاش غير ضروري حول هذه القضية والحفاظ على الوجود العسكري”.

ويقول الكاتب الروسي أن الأكراد السوريون لا يغلقون الباب أمام موسكو ودمشق، وعلى الرغم من ذلك استبعد الكاتب أن تأتي جولات جديدة من الحوار بين القامشلي ودمشق بشيء جديد، وأشار إلى أن القامشلي مستعدة للتعاون مع دمشق وحتى تطوير استخراج النفط معها، لكن لهم أولويات سياسية. و دمشق بالطبع لا تُقْدم على ذلك ولن تقدم”. وذلك في إشارة إلى اعتبار الإدارة الذاتية كيان شرعي في شمال شرق سوريا، وأن يصبح كنموذج لإقليم شمال العراق، وهو ما سبق وأن لمح لتطبيقه في سوريا وزير الخارجية سيرغي لافروف.

ووسط هذه المساعي الروسية لإنجاح الحوار بين دمشق والقامشلي، يتساءل الكثيرون عن موقف الأطراف الرئيسية الأخرى المتدخلة في سوريا “كتركيا وإيران” من قبول دمشق بالإدارة الذاتية كإقليم شرعي في شمال شرق سوريا، وامكانية أن تفرض موسكو ذلك على الكل إذا ما توصلت دمشق والقامشلي لاتفاقات نهائية حول كل الخلافات.

إعداد: ربى نجار