دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

د. مهيب صالحة: سيناريو درعا قد يتكرر قريباً في السويداء.. وفوضى السلاح والفلتان الأمني تقف ورائه “السلطة”

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تسود حالة من التوتر الشديد في محافظة السويداء جنوب سوريا، ناجمة عن صدام الفصائل المحلية مع مجموعات مسلحة محلية أيضاً، تتلقى دعماً من الأجهزة الأمنية الحكومية، وتتهم بعمليات الاغتيالات والتفجيرات ودعم عصابات الخطف والترويج للمخدرات في المحافظة.
وشنت حركة رجال الكرامة خلال الأيام القليلة الماضية حملة مداهمات اعتقلت خلالها أفراد مسلحين تابعين للأمن العسكري، كما عمدت أيضاً لمحاصرة مبنى الأمن العسكري في المدينة، ونشرت مقاتليها في المنطقة، الى جانب تسيير دوريات متنقلة في مدينة السويداء وتأمين طريق دمشق – السويداء.

وخلال حوار خاص مع الكاتب والأكاديمي السوري الدكتور مهيب صالحة، طرحت شبكة أوغاريت بوست العديد من التساؤلات حول أسباب توتر الأوضاع الأمنية في محافظة السويداء، وهل ستؤدي الصدامات الأخيرة بين مجموعات محلية لاقتتال عائلي ومناطقي.

وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الكاتب والأكاديمي السوري، د. مهيب صالحة:

 

– ما أسباب توتر الأوضاع الأمنية في محافظة السويداء؟

تشهد محافظة السويداء خلال السنوات الماضية أوضاع أمنية غير مستقرة، ولعل السبب الرئيسي يعود إلى فوضى السلاح والفلتان الامني حيث أن هناك شبه اجماع في المجتمع المحلي بالسويداء سواء من الموالين أو المعارضين أو حتى الفئة الرمادية، أن كل هذه الفوضى تقف ورائها الأجهزة الأمنية ولذلك فان أي حدث امني يحدث في السويداء تتحمل مسؤوليته المجموعات المسلحة التي تحمل بطاقات أمنية ولديها غطاء من “السلطة” وتتحرك بحرية كاملة داخل المحافظة، حيث تنعكس الخلافات بين هذه الميليشيات والعصابات المسلحة على الوضع الأمني هناك نتيجة عدم انتماء هذه المجموعات لقيادة واحدة وإنما لأجهزة امنية مختلفة وأحياناً ترتبط بجهات خارجية فمن المعروف ان الدفاع الوطني يرتبط بايران إلى جانب مجموعات أخرى تابعة لروسيا وغيرها إلى الامن العسكري ولذلك فان تعدد الولاء والارتباط الخارجي يؤدي إلى انعدام الأمن، كما انه في محافظة السويداء ليس هناك سلاح موجه ضد الحكومة لان المعارضة في السويداء هي معارضة سلمية ترفض حمل السلاح خلال السنوات الماضية ولذلك فان السلاح الموجود في المحافظة يكون بيد المجموعات المحلية التي تتمتع بغطاء امني وتحت حماية السلطة.

– هل يعد محاصرة “رجال الكرامة” للأمن العسكري تطور جديد قد ينهي التواجد العسكري للحكومة في السويداء؟

الغرض من تأسيس حركة رجال الكرامة منذ البداية هو حماية المحافظة من الجماعات المتطرفة كجبهة النصرة وداعش حيث وافقت “السلطة” على ادخال السلاح وتوزيعه على الحركة وظهور المظاهر المسلحة علناً وذلك بعلم من السلطة، ولكن بين الحين والأخر كانت تحدث ماأسميه بسوء الفهم بين حركة رجال الكرامة والسلطة، مؤكداً مرة أخرى انه ليس هناك سلاح موجه ضد السلطة بالمطلق ورجال الكرامة لايصنفون ضمن المعارضة المسلحة او السلمية حالياً ربما عندما كان يرأس الحركة الشيخ وحيد البلعوس كانت تظهر بعض الخلافات مع الامن العسكري ولكن منذ خروج الشيخ من المعادلة واستلام “الحجار” مكانه اصبح هناك مفاوضات مع قاعدة حميميم والامن العسكري واعتبار الحركة ضمن القوات الرديفة لروسيا حيث ظهر بين الامن العسكري والحركة تنسيق واضح عبر اخراج المعتقلين والنشطاء إلى جانب التنسيق عالي المستوى في معركة القريا الأولى والثانية والتي كانت بايعاز من السلطة حيث كان الصراع بين جماعات موالية لإيران وجماعات اخرى موالية لروسيا كالفيلق الخامس، وعلى هذا الاساس لايمكن القول ان رجال الكرامة لديهم خلافات كبيرة مع الأمن العسكري ولكن هناك بعض الاختلاف في وجهات النظر بين الطرفين، ومن الممكن أن الاحداث الاخيرة في السويداء بين حركة رجال الكرامة والأجهزة الأمنية يدخل ضمن التحركات الاخيرة في الجنوب السوري والأوضاع في درعا البلد.

– هل الصدامات الأخيرة بين مجموعات محلية معارضة للحكومة وأخرى مؤيدة قد يؤدي لاقتتال عائلي ومناطقي؟

المظهر الخارجي للصدامات الاخيرة في السويداء بين مجموعات محلية تبدو في ظاهرها بين موالين ومعارضين للحكومة ولكن تلك المجموعات تابعة لجهة واحدة مع ظهور مؤخرا قوات مكافحة الارهاب وهي ايضا تتبع للسلطة وحلفائها فمعظم اشخاصها كانوا يتبعون سابقاً لميليشيات مسلحة، وهو امر طبيعي لان محافظة السويداء لاتعتبر محافظة معارضة وانما في مجملها مؤيدة كما لايوجد هناك مجموعات لها ايديولوجية دينية باستثناء حركة رجال الكرامة التي اطلقت شعار” الارض والعرض” ضمن اطار طائفي مذهبي ضيق جدا للدفاع عن الطائفة الدرزية، كما أن الصدامات الاخيرة مع قوات مكافحة الارهاب والتي تمتاز بمجهولية داعميها والاموال التي تصلها بمبالغ ضخمة وعدم وجود مكتب سياسي لها في المحافظة وبالتالي فمن المتوقع ان يكون هناك ارتباط مع جهات داخلية قد تكون السلطة او جهات خارجية لذلك فان كل ماجرى من توتر امني في الفترة السابقة بين مجموعتين هما مجموعة راجي فلحوط ومجموعة مكافحة الارهاب ودخول رجال الكرامة في الصدام بسبب خلاف شخصي تدخل ضمن عمليات وخلافات داخلية قائمة على الخطف والقتل فقط.

– هل من الممكن إعادة تكرار سيناريو درعا في السويداء عبر استخدام القوة لإخضاع الفصائل المحلية؟

محافظة السويداء تعتبر جزء مايسمى بمنطقة خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية كما إنها تتجاور مع محافظة درعا، لذلك من غير المستبعد تكرار سيناريو درعا في السويداء عبر تقاطع المصالح الروسية والأمريكية إلى جانب اسرائيل ايضا ضمن خارطة طريق متفق عليها حيث سيطلب من المجموعات المحلية اما تسليم سلاحها او التوحد ضمن قيادة موحدة تتبع لاحدى الدول الكبرى واذا رفضت سيتم إطلاق يد قوات الحكومة لشن عملية عسكرية لإرغام هذه المجموعات على القبول.

– ماهي النماذج والحلول التي يمكن أن تنهي التوتر في السويداء؟

المجتمع المحلي في السويداء بمشايخه ومثقفيه ومنظمات المجتمع المدني يطالبون بانهاء حالة الفلتان الامني التي تعيشها المحافظة عبر اخذ المؤسسات الحكومية دورها والقيام بواجباتها وفقا للقانون، حيث أن كافة المؤسسات العسكرية والأمنية والخدمية موجودة في السويداء خلال السنوات الماضية، لذلك فان المطالبات الشعبية في السويداء قائمة على عودة المؤسسات الحكومية الى حين ايجاد حل سياسي شامل في سوريا.

 

إعداد: يعقوب سليمان