دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

دير الزور السورية.. مركز تنافس جديد ومحاولات تثبيت النفوذ بين القوى المتصارعة في سوريا

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في خضم التوترات التي تشهدها محافظة دير الزور السورية شرقي البلاد، على خلفية الاغتيالات التي طالت بعض شيوخ ووجهاء العشائر، والمنافسة المحمومة بين القوى المؤثرة في الصراع السوري لإيجاد موطئ قدم لها في تلك المنطقة، توعد تشكيل يتبع للمعارضة السورية المسلحة ويطلق على نفسه “تجمع الثائرين في أرض دير الزور” بتنفيذ عمليات عسكرية ضد القوى المتواجدة في تلك المنطقة، ليزيد في المشهد مزيداً من التعقيد، في ظل الاتهامات المتبادلة بين الأطراف المتصارعة في سوريا بالوقوف وراء الإضرابات في المحافظة.

إضرابات في الجزء الخاضع لقسد في دير الزور على خلفية اغتيال بعض شيوخ العشائر

شهدت محافظة دير الزور السورية، خلال الأسابيع المنصرمة، توترات واضرابات على خلفية موجة اغتيالات طالت وجهاء وشيوخ العشائر، من قبل مجهولين، والتي تصاعدت عقب اغتيال أحد أبرز شيوخ قبيلة “العكيدات” في ريف دير الزور الشرقي، الشيخ مطشر حمود الهفل، في 2 من آب/ أغسطس الحالي، بإطلاق نار من قبل مجهولين على سيارة كانت تقله، عقب مقتل المتحدث باسم القبيلة، سليمان الكسار، بدير الزور، في حادثة تبناها داعش.

وفي حين يتبادل أطراف الصراع السوري الاتهامات بالمسؤولية عن هذه الاغتيالات، طالبت قبيلة “العكيدات” التحالف الدولي بقيادة واشنطن وقوات سوريا الديمقراطية، بالكشف عن الجناة، باعتبار أن المنطقة تخضع لسيطرتهما.

وتتهم الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا؛ والتي تتبع دير الزور ضمن مناطق سيطرتها، الحكومة السورية في دمشق وحليفتها إيران، والمعارضة السورية المحسوبة على تركيا بالوقوف وراء هذه الاغتيالات، بهدف تأليب العشائر العربية ضدها، من خلال تحميل قوات سوريا الديمقراطية المسؤولية عن الاغتيالات.

تشكيل مسلح معارض يعلن مناطق عدة في دير الزور “عسكرية” ويتوعد قوات الحكومة وإيران وروسيا وقسد

ووسط هذه الاتهامات المتبادلة، أعلن تشكيل مسلح يتبع للجيش الوطني السوري المعارض، يطلق على نفسه “تجمع الثائرين في أرض دير الزور”، في بيان على صفحته في تويتر، عن حضوره في المشهد الميداني، متوعداً باستهداف قوات الحكومة السورية والإيرانية والروسية وقوات قسد، وجاء في بيان “التجمع” أن عملياتهم العسكرية ستشمل مناطق “مدينة دير الزور، مدينة الميادين، مدينة البوكمال، بلدة أبو حمام، بلدة الطيانة، بلدة العشارة، بلدة الصور، بلدة الشحيل، بلدة جديد العكيدات، بلدة الحصان، بلدة الكسرة، بلدة الشدادي، طريق الخرافي، طريق أبو خشب” وجميعها مناطق تتبع لمحافظة دير الزور إداريا.

وكان التشكيل أعلن عن نفسه قبل أشهر من العملية العسكرية التركية تحت مسمى “نبع السلام” والتي سيطرت من خلالها على منطقتي رأس العين وتل أبيض، في شمال شرقي سوريا، برفقة فصائل المعارضة المسلحة. وقام بتنفيذ عدة عمليات اغتيال استهدفت قيادات في قسد.

من المستفيد من الاضطرابات في دير الزور؟

بالنظر إلى المشهد السوري المعقد، وتداخل الأجندات بين القوى المحلية والإقليمية وحتى الدولية، التي تدير الصراع في سوريا، منذ أكثر من 9 سنوات، فإن لكل الأطراف مصالح بشكل أو بآخر من خلق هذه الاضطرابات في دير الزور، في ظل تنافس تثبيت النفوذ وتوسيعه بين قوى عدة في سوريا عموماً، ومحافظة دير الزور التي انتزعت من داعش على وجه الخصوص؛ لغناها بالثروات الباطنية من جهة، والبشري “العشائري” من جهة ثانية، كما أن موقعها الجغرافي اكتسب أهمية استثنائية في الحرب السورية، لجهة استخدام الأجزاء الجنوبية منها كطريق لتقديم الدعم الإيراني للحكومة السورية، في ظل الحصار المفروض على الأخيرة من قبل واشنطن وحلفائها.

وتتوزع السيطرة في محافظة دير الزور بين القوات الحكومية ومسلحين موالين لإيران من جهة، وقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي من جهة ثانية، حيث تخضع مدينة البوكمال، ومدينة الميادين، والقسم الواقع غرب نهر الفرات من مدينة دير الزور لسيطرة القوات الحكومية والإيرانية. بينما يخضع الريف الشرقي للمحافظة؛ والذي يشهد الاضطرابات لسيطرة قسد والتحالف.

اتهامات متبادلة بالوقوف وراء الاغتيالات ومحاولات تجنيد أبناء العشائر في دير الزور

وتتهم الإدارة الذاتية الحكومة السورية وإيران وتركيا، بالوقوف وراء هذه الاضطرابات، من خلال خلاياها التي تنفذ عمليات الاغتيال ضد شيوخ العشائر، والإداريين في مؤسساتها، بهدف دفع العشائر العربية لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية، والتمهيد لسيطرة حلفائها المحليين في سوريا على المنطقة. وتستند الإدارة في اتهاماتها إلى محاولات الحكومة السورية وإيران الدائمة لجر العشائر العربية في المنطقة لمواجهة قوات سوريا الديمقراطية.

ويرى قسم من المراقبين لتطورات الأوضاع في دير الزور، أن إيران تسعى عبر الشخصيات السورية التي تعمل ضمن ميليشياتها، إلى تجنيد أكبر عدد من أبناء العشائر في محافظة، كما تواردت أنباء مع بدء التوتر الأمني الحاصل في دير الزور، أن قيادات من ميليشيات إيرانية عقدت اجتماعا ً في دير الزور أيام عيد الأضحى المنصرم، ضم العديد من وجهاء العشائر الموجودين في مناطق الحكومة السورية، وتركز الحديث حول كيفية دعم العشائر في مناطق سيطرة قسد، وعودة المنطقة إلى سيطرة قوات الحكومة السورية، وفقاً لمصادر محلية.

على الجانب الآخر فإن تركيا أيضاً، تسعى لإيجاد موطئ قدم لها في تلك المحافظة، في خضم حربها ضد قوات سوريا الديمقراطية، من خلال محاولات تمكين حلفائها في المعارضة، من التواجد الميداني في تلك المنطقة، مستفيدة من مشروع الحوار الكردي ـ الكردي الذي يجري برعاية أمريكية، لدمج مجلس الوطني الكردي في الإدارة الذاتية، بالإيحاء لحلفاء أنقرة في سوريا من المكون العربي، بأن هذا التقارب الكردي يهدف إلى تحييدهم في المناطق التابعة للإدارة الذاتية، ما دفعت أنقرة إلى تشكيل جسم سياسي ” الهيئات السياسية للمحافظة السورية”، حيث أُعلن عن تشكيل “الهيئة السياسية لمحافظة الحسكة” في مدينة رأس العين، كردٍ على ذلك، وفقاً لمراقبين.

فيما تتهم كل من المعارضة والحكومة السورية على حد سواء، الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، بخلق هذه الاضطرابات في محافظة دير الزور، لتثبيت سيطرتها على الجيوب التي تعتبرها متمردة عليها في الريف الشرقي من المحافظة.

راقبون: على غرار المشهد السوري العام.. كل الأطراف تسعى للاستثمار في الاضطرابات لتوسيع نفوذها

المشهد في دير الزور لا يختلف عن المشهد السوري العام، حيث تبادل الاتهامات وتداخل أجندات ومصالح القوى المتصارعة، ومساعي الأطراف المتنازعة وحلفائهم الإقليميين والدوليين، لتثبيت نفوذها وتوسيعه، لكسب ثقل سياسي، في أي تسويات مستقبلية للأزمة السورية ومقتلتها التي أتت على الحجر والبشر منذ ما يزيد عن 9 سنوات.

رزان أيوبي