دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

خبير استراتيجي روسي لأوغاريت بوست: عاجلاً أم آجلاً ستعود العلاقات بين دمشق وأنقرة، ولا يمكن تعديل اتفاقية أضنة إلا بموافقة الحكومة السورية

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في ظل انشغال العالم بوباء كورونا الذي يجتاح الدول تباعاً، توجه وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، في 23 من آذار الجاري، إلى سوريا وأجرى لقاء مع الرئيس السوري، بشار الأسد. زيارة قال عنها محللون أنها حملت رسائل حازمة للحكومة السورية، بشأن ملف إدلب، والتفاهمات مع الجانب التركي، وكذلك مستقبل مناطق شمال وشرق سوريا.

حول هذه التطورات أجرت شبكة أوغاريت بوست الإخبارية، حواراً مطولاً مع الخبير الاستراتيجي الروسي ، أندريه أونتيكوف، الذي أكد أن محور اللقاء كان التباحث حول تنفيذ اتفاق موسكو الأخير بين الجانبين التركي والروسي، كذلك ملف شرق الفرات، ولم يغب عن ملفات اللقاء وباء “كورونا” ومخاطر انتشار الفيروس في سوريا في ظل الحرب الدائرة في البلاد وما خلفته من تدمير في بنيتها التحتية الصحية، وفقاً لتصريحات أندريه أونتيكوف.

وفيما يلي الحوار الكامل معه:

1ـ  ماهي قراءتكم لتوقيت زيارة وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، إلى سوريا، هل حمل رسائل معينة للحكومة السورية ؟

أعتقد أن محور اللقاء الرئيسي كان عملية تنفذ اتفاق موسكو، والدوريات المشتركة الروسية ـ التركية على طريق M4، والتي تعرضت للإعاقة من قبل المجموعات الإرهابية. كما أنه وفي ظل انتشار فيروس كورونا، وعدم وجود معلومات واردة من سوريا حول هذا الوباء، وما يشكله من خطر بنسبة أكبر على سوريا في حال انتشاره، برأي أن ذلك كان محور النقاش أيضاً، لأن روسيا مهتمة بالاجراءات المتبعة في سوريا لوجود الجنود الروس فيها.

2ـ وفق ما تم إعلانه، فإن ملف إدلب وشمال شرق سوريا كان على طاولة لقاء شويغو ـ الأسد، هل هناك عرض روسي للحكومة السورية فيما يخص شمال شرق سوريا، أم أن الأمور تتجه إلى مواجهة عسكرية هناك بعد إدلب ؟

فيما يخص شرق الفرات، لا أرى أي عروض إضافية خارج التي تم التوصل إليها بين الجانبين الروسي والتركي، والتي كانت بموافقة السلطات السورية، ولكن بالمجمل الرئيس السوري كان واضحاً في إحدى لقاءاته مع وسائل إعلام روسية، حين قال بأنه بعد حل الأوضاع في إدلب سيتجه إلى شرق الفرات لحل تلك القضية، ولكن كيف؟ هذا السؤال لا يمكن أن يتوجه إلى الحكومة السورية ولا إلى روسيا، الكرة الآن في ملعب الكيان الفدرالي (الإدارة الذاتية) في تلك المنطقة، روسيا تشجع الحوار بين الأكراد والحكومة السورية، وسبق أن كانت هناك سلسلة من جولات محادثات في هذا الإطار في دمشق والقامشلي وحميميم، وروسيا مستعدة حتى لإمكانية عقد لقاء بين الجانبين في موسكو أو في سوتشي أو في مكان آخر، ولكن الهدف الرئيسي لروسيا هو عودة شرق الفرات إلى السلطة السورية، وخروج القوات الأمريكية من تلك المنطقة، وستبذل كل جهودها للتوصل إلى هذا الهدف، كيف ذلك؟ السؤال موجه مجدداً للكيان الفدرالي (الإدارة الذاتية)، لأنه وبصراحة ونتيجة للضغوطات الأمريكية لم يكن موقف الأكراد بناءً خلال الأشهر الأخيرة، فهناك حاجة إلى التوصل إلى تفاهمات بشكل سريع جداً، وإلى إيقاف التحركات الانفصالية في تلك المنطقة.. الخ.

برأي على القادة الأكراد والكيان الفدرالي (الإدارة الذاتية) أن يفهموا جيداً أن الولايات المتحدة تستخدمهم كبيادق، وستتخلى عنهم فوراً إن لم تتوافق المصالح الأمريكية مع مصالحهم، وهذا ما شهدناه مراراً وتكراراً، كما شهدنا ذلك في منبج والمناطق الحدودية مع تركيا..، لذلك فإن الحليف الوحيد للأكراد (الإدارة الذاتية) هي دمشق، فالولايات المتحدة لا تهتم بهذا الكيان، وترامب كان واضحاً حين قال بأنه يهتم فقط بالنفط هناك، وإذا خسرت النفط ستترك الأكراد لمصيرهم في مواجهة السلطة السورية، وهذا السيناريو خطير جداً بالنسبة للأكراد، لذلك أعتقد أن هناك أهمية بارزة لبدء المشاورات بين دمشق والأكراد في أقرب وقت، وهناك ضرورة اللجوء إلى روسيا للتوصل إلى كيفية عودة مناطق شرق الفرات إلى السلطة السورية.

3ـ بالعودة إلى إدلب، يبدو أن هناك تغير في اللهجة الروسية تجاه تركيا، كما جرى الحديث عن عمليات مشتركة تركية ـ روسية، ضد الفصائل الرافضة لاتفاق موسكو، هل تعتقد أن تركيا جادة في هذه المسألة أم أنها تناور لكسب الوقت لحين تبيان موقف “الناتو” ؟

الكل يدرك أن لدى تركيا مصالحها الخاصة في إدلب، ولكن نحن نشاهد بأن إدلب رويداً رويداً تعود إلى سيطرة السلطات السورية، وتوصلت روسيا مع تركيا، إلى تفاهمات حول هذا الموضوع، في أستانا وسوتشي ومؤخراً في موسكو، بالإضافة إلى التنسيق في العمليات العسكرية ضد المجموعات الإرهابية، والتي سمحت بعودة بعض المناطق إلى سلطة الحكومة السورية، كما حصل في الطريق الدولي M5 ونحن نأمل بأننا سنستطيع مع الجانب التركي تأمين الطريق الدولي M4 أيضاً، وتنفيذ اتفاق موسكو، بفتح الطريق، وباعتقادي هذه نقطة ايجابية.

أما فيما يخص موقف وتصرفات الجانب التركي، برأي الشخصي ليس هناك توقعات ومواقف خاصة، روسيا ستتصرف وتتعامل مع الموقف في إدلب بناءً على التطورات الميدانية على الأرض، كما حصل سابقاً، عندما لم تلتزم تركيا باتفاق سوتشي، وهذا ما أدى إلى التصعيد العسكري في نهاية المطاف، أي نحن نتوصل إلى نفس الأهداف ولكن بطرق مختلفة.

الاتفاق في سوتشي كان متقدم جداً لأنه فرض السيناريو السلمي للتعامل مع قضية إدلب، ولكن للأسف تركيا لم تلتزم بالاتفاق، ما اضطرت الحكومة السورية، وروسيا للجوء إلى السيناريو العسكري، خاصة في ظل الخروقات المستمرة للهدنة والهجمات المستمرة على حلب واللاذقية وقاعدة حميميم الروسية. فإذاَ نحن نأمل بأن تكون تركيا ملتزمة بالاتفاقات، ولكن إن لم تلتزم فإنه بالتأكيد لدى روسيا وسوريا خيارات أخرى.

4ـ جرى الحديث عن اقتراحات روسية جديدة، لتعديل اتفاق أضنة، بحيث تسمح بتوغل تركي إلى عمق 30 كم، داخل الأراضي السورية، ما دلالات ذلك؟ وهل يعني بداية لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق ؟

هناك الكثير من الشائعات حول تعديل اتفاق أضنة، ولكن حتى الآن لا توجد أي خطوة بهذا الاتجاه، وبكل الأحوال روسيا مهتمة بإعادة العلاقات بين تركيا والحكومة السورية، وهذه هي إحدى أهدافها، لذلك وكما نقلت بعض وسائل الإعلام؛ وأنا أعتقد أنها صحيحة، أنه في نهاية العام الماضي كان هناك لقاء بين رئيس الاستخبارات التركية، حقان فيدان، وعلي مملوك في العاصمة الروسية موسكو، وحتى الرئيس أردوغان قال بكل صراحة بأنه وبالرغم من كل هذه الصعوبات فإن هناك استمرار في التنسيق بين الاستخبارات في الدولتين، وهذه نقطة إيجابية.

روسيا من جهتها مهتمة بهذه المسألة، وبكل الأحوال عاجلاً أم آجلاً يجب أن تعود العلاقات السورية ـ التركية إلى مرحلة بناءة وجيدة، وروسيا ستبذل كل جهودها من أجل التوصل إلى هذا الهدف، ولكن بهدفين رئيسين: الأول ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، والثاني احترام سيادة الدولة السورية؛ وهذا يعني أن كل التفاهمات الروسية ـ التركية، يجب أن توافق عليها السلطات السورية، فإذا كان هناك تفاهمات حول تعديل اتفاق أضنة فيجب أن توافق عليها السطات السورية.

حوار: رزان الأيوبي