دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

حسان فرج: اللامركزية أفضل الحلول الوسطية بين المركزية الصارمة والإدارة الذاتية

اوغاريت بوست (مركز الاخبار) – قال السياسي حسان فرج أن أن تركيبة اللجنة الدستورية الحالية تعيد لأذهاننا تركيبة وفود المفاوضات في جنيف وهذا بحد ذاته لا يبشر بخير. وأشار إلى اللامركزية أفضل الحلول الوسطية بين المركزية الصارمة والإدارة الذاتية.
بعد ثمان سنوات من الحرب والصراع والدمار على زالت أصوات المدافع تطغى على المشهد السوري العام على حساب صوت الحوار والحلول السياسية. ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو؛ ماذا حقق الشعب السوري بعد ثمان سنوات من الأزمة؟ هذا السؤال وجملة أسئلة أخرى نطرحها على عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الديمقراطي السوري الأستاذ حسان فرج، في حوار مطول ننشره على حلقتين.
نص الحلقة الثانية من الحوار:

-جميع الأطراف تتحدث عن الحل السياسي، برأيك من هي الجهات التي تعرقل الحل السياسي؟

جميع الدول ترفع راية الحل السياسي وتعلن رفضها للحل العسكري لكن لن تقبل أي حل سياسي لا يعطيها حصة الأسد في الملف السوري. الكل يعلم تعدد القرارات الدولية من ” جنيف 1″ حتى القرار/ 2254/ الذي يرسم طبيعة الحل السياسي والذي تم تلخيص الحل عبر السلال الأربعة المتعلقة بملف الإرهاب، والدستور والمرحلة الانتقالية والانتخابات. يمكننا القول أن اختلاف المواقف حول الحل وحالة الاستعصاء السابقة في مفاوضات جنيف دفعتنا للدعوة لمفاوضات حول الدستور كأساس يجتمع عليه السوريون لتحديد طبيعة دولتهم وليبقى القرار “سوري/سوري” ويحول سياسة الدول المتصارعة على الساحة السورية بالوكالة لدول داعمه لعملية دستورية تنقذ سورية من هنا ذهبنا لمؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري كمجموعة من المؤتمر الوطني الديمقراطي السوري والذي تمخضت عنه مخرجات مهمة عن شكل سورية القادمة الديمقراطية المحايدة مع فصل للسلطات وإعادة هيكلة الجيش والامن بما يتماشى مع متطلبات الدولة المدنية ودولة القانون … هذا المشروع رعته روسيا المعنية اكثر من غيرها لتتويج الانتصار العسكري النسبي بانتصار سياسي … لكن هذا المشروع اصطدم بضرورات مؤتمر سوتشي الروسي التركي تباعا لاتفاقات استانه التي اقتضت اعطاء وارضاء لتركيا بتواجد مؤقت في ادلب وخلق منطقه خفض تصعيد مع منطقة عازلة بعمق 40 كم منزوعة السلاح الثقيل ريثما يتم حل مشكلة النصرة داخل ادلب لتسهل تقدم المفاوضات والوصول للحل السياسي المطلوب .. لاشك أن تركيبة اللجنة الدستورية الحالية تعيد لأذهاننا تركيبة وفود المفاوضات في جنيف وهذا بحد ذاته لا يبشر بخير.. لكن مع ذلك لابد من دعم هذه العملية المحورية والعمل على إنجاحها بكل الوسائل لأن إخفاقها يعقد المشهد السوري مما سيطيل في عمر الأزمة وعمر معاناة الشعب السوري، ويثبت مناطق النفوذ التي ربما تتحول لواقع تقسيمي من الصعب الخروج منه ..

-أين هي المعارضة السورية بجميع تشكيلاتها السياسية والعسكرية في المعادلة السورية اليوم؟

حقيقة لايوجد معارضة واحدة أو موحدة وهذا أمر صحي في الحالة الطبيعية، لكن في الوضع السوري الخاص والاستثنائي تسمية كل من حمل السلاح أو ارتبط خارجيا بالمعارضة شيء مجحف بحق المعارضة السورية الوطنية الديمقراطية, اولا: لأن حمل السلاح يتعارض مع مفهوم الديمقراطية السلمي حصرا والذي يحل الخلافات عبر الوسائل الدستورية. وثانيا: أي ارتباط خارجي يفقد المعارضة مصداقيتها وانتمائها الحصري للوطن..لكن مع دفع الخلاف نحو العنف وحله عبر الوسائل الأمنية والعسكرية عقد المشهد وخلط الأوراق والمسؤوليات.. لذلك اذا أردنا الحديث عن المعارضة التي أنتجتها الأزمة علينا التفريق بين من يتصدر المشهد السياسي بسبب التدخلات الخارجية وبين من يعمل خارج الارتباطات الخارجية.
المعارضة السورية التي تتصدر المشهد السياسي اليوم مشتته بين أطراف الازمة السورية وتحت رحمة الدول المحركة لها وأعني بذلك تركيا وقطر من جهة والسعودية والامارات من جهة أخرى وعلى أساس المفاوض الرئيسي ، لكن مما يعقد هذه التركيبة اليوم هو تباعد المواقف السعودية الاماراتية والمواقف التركية القطرية والتي ستكون لصالح الطرف الأخر وأعني السلطة بسورية شئنا ام ابينا لانه قد ينسف عمل اللجنة الدستورية قبل بدئها وربما يعيد خلط الاوراق من جديد على حساب اتفاقات استانا وسوتشي .. فالتحركات الأخيرة للسعودية في شرق الفرات مع دعوة لممثلي قسد للمشاركة برياض 3 تبقى مؤشرا لبادرة خلافات مع الطرف المدعوم تركيا…
من هنا كان لابد من تهيئة أرضية سورية بحته بمبادرة بعيدة عن الارتباطات الخارجية تعمل على إحياء مؤتمر وطني سوري جامع يعطي للسوريين مباشرة القدرة على تقرير مصيرهم وتحديد مسار العملية السياسية بوضع خارطة طريق تتماشى مع تطلعات الشعب السوري بعيدا عن جميع الاملاءات الخارجية من جهة ولتكون الجهة السياسية السورية القادرة على ملء الفراغ السياسي في حال اخفاق العملية السياسية المتمثله بعمل اللجنة الدستورية.. فهذه المبادرة ستعمل جاهدة على انجاح العملية الدستورية وستلعب دور المراقب والمؤثر على مسارها حتى لا تأخذ أي منحى يتنافى مع مشروع الدولة الديمقراطية بفصل السلطات وإعادة ترتيب الجيش والأمن بما يضمن وحدة وأمن البلد بعيدا عن التدخلات السياسية ويقتصر على حماية البلد واحترام الدستور.

– بعض الأطراف تطالب باللامركزية لسوريا المستقبل، هل تعتقد أن اللامركزية تناسب الحالة السورية؟

تبقى اللامركزية أفضل الحلول الوسطية بين المركزية الصارمة والادارة الذاتية، فالمركزية كانت سببا بتفاوت الإنماء بين العاصمة السياسية دمشق والاقتصادية حلب وبقية المحافظات وسببا رئيسيا للهجرة الداخلية وما يترتب على ذلك من أعباء وضغط على العاصمة والمدن الكبرى وإفراغ للريف الزراعي أضف الى ازدياد عدد سكان سورية … من هنا تبقى اللامركزية الإدارية الحل الأمثل ليتم إدارة هذه المحافظات مباشرة من أبنائها لأنهم الأكثر دراية باحتياجاتها وطريقة تطويرها عبر مجالسهم …أما الإدارة الذاتية وحسب تطبيقها نتيجة الظروف الحالية تأخذ شكل الفدرالية بل شكل الكونفدرالية لأنها تذهب بعيدا بفصل الشرطة والجيش والعلاقات الخارجية مع وضع دستور منفصل خاص بها بما لا يتوافق مع تركيبة الدولة والشعب السوري وبما يحمل من مخاوف تكرار السيناريو العراقي التقسيمي الذي يرفضه الشعب السوري بكل قواه …

– إلى أين تتجه سوريا ؟

الوضع السوري اليوم مرتبط بملفات إقليمية ودولية كبيرة لايمكن تجاهلها .
دولية متعلقة بالدور الامريكي والروسي في منطقة الشرق الاوسط والذي ينتظر اتفاقا ما يحدد مناطق نفوذ كل منهما في هذه المنطقة الحساسة جدا.. والاجتماع الاخير بين مدراء الامن القومي الروسي والامريكي والاسرائيلي في القدس كان مهما لما يتمخض عنه من اتفاق يفتح بادرة حل للصراع في سورية .. طالما هناك ملفات عديدة بين هاتين الدولتين مفتوحه على الطاولة. ..والتي ترتبط بشكل كبير بأمن اسرائيل وبالملف النووي الايراني الذي يحتم التواجد الايراني في سورية كعمق استراتيجي لإيران ولايران كعمق استراتيجي لسورية كما عبر عنه المرشد أية الله خامنيئي في لقائه الاخير مع الرئيس الاسد .. وطبعا يبقى كلام مدير الامن القومي الروسي في الاجتماع الثلاثي بالقدس نيقولاي باتروشيف عندما حرص في مُداخلته في المُؤتمر الصحافي مع نظيريه الإسرائيليّ والأمريكيّ على التُأكيد على “أن إيران حليف وشريك راسِخ لموسكو وأنّ تشويه صورتها، ووصفها كخطر كبير على المِنطقة غير مقبول بالنّسبة إلى روسيا لأنّها تُشارك بفاعليّة في مُحاربة الإرهاب واستتباب الأمن في سورية”… مهما للتأكيد على الدور الإيراني لا يمكن حجبه بمعزل عن اتفاق شامل للعديد من الملفات في المنطقة…. أضف الى ذلك الدور “التركي/السعودي ” المتضارب في الملف السوري والذي سيعقد تركيبة وفد المفاوضات وربما عمل اللجنة الدستورية ومع ذلك تبقى الانظار متجه لعمل اللجنة الدستورية القادمة وعما سيتمخض عنها كحل للمرحلة اللاحقة …من جهتنا نتمنى ان يتمخض دستورا سوريا يلبي تطلعات الشعب السوري بدولة ديمقراطية دولة حريات وقانون مع فصل للسلطات على ان يكون دستوراً مؤقتاً يمكن تعديله طالما اعضاء اللجنة الدستورية لم يتم انتخابهم من الشعب السوري مع مرحلة انتقالية لمدة سنتين أو ثلاث تفتح المجال لتنشيط الحياة السياسية السورية مع خلق بيئة آمنه تضمن عودة اللاجئين وإطلاق سراح المعتقلين وإعانة المعاقين ومعرفة مصير المفقودين وتفتح باب المصالحة وتكون اساسا لإدارة المرحلة اللاحقة لتضميد الجراح وإعادة الاعمار والبناء لما تتضمنه من تحديات جسام على المستوى الإنساني والوطني.
وطبعا هذه المسؤولية التاريخية تقع اليوم على عاتق السلطة بما ستقوم به من إصلاحات جذرية ومن فتح باب للحوار السوري السوري ومن تجاوب في وضع دستور وطني حديث يلبي تطلعات الشعب السوري ويحمي وحدة سورية أرضا وشعبا مع خلق بيئة أمنة من أجل حياة سياسية سليمة بعيدة عن التدخلات والارتباطات الخارجية.

حاوره: فادي حسن