دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

حراك السويداء.. مطالبات بدولة مدنية وديمقراطية ضمن حكومة بوليسية

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – احتجاجات ومظاهرات عارمة في السويداء جاءت لتؤكد الموقف الحقيقي لسكان المحافظة الجنوبية من الحكومة على الرغم من القرار الحكومي الأخير الذي حرم عشرات ألاف العائلات السورية في المناطق الحكومية من الدعم والذي كان سبباً مباشراً لاشتعال موجة الحراك الشعبي في السويداء ولكن ما خفي أعظم فالمحافظة ذات الأغلبية الدرزية تعيش على صفيح ساخن منذ سنوات جراء الاهمال الحكومي حالها كحال بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة فلا كهرباء ولامحروقات وارتفاع جنوني بأسعار المواد الرئيسية والغذائية وكل ذلك يأتي مع انهيار الليرة السورية المرتبطة بشكل مباشر ببورصة الأسعار مع ثبات الراتب الشهري للموظف الحكومي مع بعض الزيادات والمنح المالية الخجولة.

ثورة الفقراء

حالة من التوتر والغليان في السويداء خلال الأيام الماضية على وقع غضب شعبي حيث قطع المحتجون الطرق الرئيسية والفرعية في المحافظة، تنديداً بقرارات الحكومة وهتفوا ضد الحكومة بل وتطورت الشعارات لتنادي بإسقاط النظام وسط استقدام القوات الحكومية تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المحافظة مما ينذر بمواجهة عسكرية مرتقبة ضمن حل امني تعتاد الحكومة على تنفيذه في أي حراك شعبي ضدها واحتمالية انزلاق الوضع نحو منحى خطير، لا سيما أن رقعة الاحتجاجات تتوسع بالتزامن مع دعوات لتنفيذ اعتصامات ضخمة، ولعل ما يميز الاحتجاجات هذه المرة في السويداء ان من بدئها الطبقات الفقيرة المسحوقة وقد خرجت بطريقة عفوية وغير منظمة حتى الآن، انطلاقاً من قرية نمرة وشهبا بريف السويداء، لتنضم قرى أخرى لها حتى وصلت إلى مركز مدينة السويداء.

سمير عزام: الحكومة لا تستطيع الاستجابة لمطالب السوريين

وأعادت الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية في السويداء لتسليط الضوء مرة أخرى على الفشل الحكومي في معالجة القضايا الداخلية التي يعاني منها المواطن السوري حيث أكد الأستاذ سمير عزام  منسق تجمع السوريين العلمانيين الديمقراطيين ” السويداء” في حديث مع شبكة “أوغاريت بوست” ان الاحتجاجات نجحت في إيصال موقف اهالي محافظة السويداء المعارضين بأغلبيتهم الساحقة للنظام في الداخل والخارج فيما جاءت “حشود الميليشيات” التي أرسلها “النظام” إلى السويداء لتزيد الأوضاع إحتقانا وتحدياً وإصراراً من قبل أهالي المحافظة على التشبث بحريتهم السياسية التي حصلوا عليها من خلال التصدي لغزوات جبهة النصرة و تنظيم داعش الإرهابي على اطراف المحافظة الشمالية والغربية والشرقية بين العامين 2013 و 2018، كما قال “عزام” أن الحكومة لا تستطيع الاستجابة للمطالب المعيشية للسوريين ولا يمكنها أيضا إيقاف التدهور المعيشي لسببين أولهما نفاذ الموارد المالية للحكومة وهو ما أكده مؤخرا ممثل الرئيس الروسي في سوريا بالإضافة للفساد المستشري في المؤسسات الحكومية من أعلى الهرم لأسفله.

روسيا تعمد للتقارب في السويداء

بدورها تسعى روسيا لاحتواء المظاهرات الحاشدة حيث زار وفد عسكري روسي محافظة السويداء، ضم ضباطاً من القيادة الروسية في مركز المصالحة والتقى مسؤولين حكوميين، واستفسر الوفد الروسي عن طريقة تعاطي السلطات الأمنية الحكومية مع الاحتجاجات وأسباب قدوم التعزيزات العسكرية الأخيرة، بينما قال المسؤولون الحكوميون في معرض ردهم على الوفد الروسي إن القوات الأمنية لم تستخدم القوة ضد المحتجين، وأوضحوا ان نقل القوات الحكومية تم من أجل منع التصعيد وتجنب الاستفزازات، وناقش الجانب الروسي عدة مواضيع خدمية في السويداء مثل تحسين شبكات المياه والكهرباء، وافتتاح المركز الثقافي الروسي في السويداء، والمساعدات الإنسانية التي توزعها روسيا في السويداء، وإخلاء معسكر الطلائع في مدينة السويداء الذي يحوي لاجئين من محافظات سورية مختلفة وإيجاد بديل لهم.

وأكدت مواقع إخبارية محلية نقلا عن مصادرها التي وصفتها بالخاصة، أن الجانب الروسي يعمد إلى التقارب في السويداء عبر تدخله مؤخراً في مجال المساعدات الإنسانية، والتقارب من الرئاسة الروحية للطائفة الدرزية من خلال عدة زيارات أجرتها قوات روسية إلى شيوخ الطائفة في السويداء مؤخراً.

السويداء توجه الكرة إلى ملعب الحكومة

وأعلنت مجموعة “الحراك الشعبي” مساء الجمعة عن تعليق الاحتجاجات، وإعطاء مهلة للحكومة  لتلبية المطالب الشعبية، وأصدر المحتجون بياناً، قالوا فيه “إننا كمنظمين لهذا التحرك الشعبي السلمي المحق، ونتيجة للمباحثات في مجلس الحراك، قرّرنا إعطاء مهلة لتنفيذ قرارات أهلنا المحقة ضمن دولة القانون والمؤسسات، لا دولة الفساد والمفسدين”، وأضافوا: “هدفنا كرامة الشعب بالدرجة الأولى، وما ينطوي تحت ذلك من العيشة الكريمة التي لا يشوبها الذل والهوان، وذلك بناء على توجيهات من الهيئة الروحية”، وتابعوا: “هذا لا يعني أننا توقفنا عن حراكنا الشعبي، فنحن مستمرون، ولكن لن نسمح لأحد بأن يفوّت علينا هذه الوقفة لغايات ومقاصد نحن لا نسعى لها، وبعد هذه المهلة يتم التعامل بحسب معطيات الواقع “نحن صنّاع القرار”.

فهل سيكون للسويداء كلمة الفصل في إنهاء التسلط الحكومي وتغيير المعادلة التي تعيشها كافة المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وقدرتها على تحقيق ذلك من خلال المظاهرات والاحتجاجات السلمية دون الانزلاق نحو مواجهات عسكرية وحرب طاحنة كما حدث سابقا في العديد من المحافظات السورية.