أوغاريت بوست (مركز الأخبار)-يجتمع اليوم الخميس، الدول الأعضاء للتحالف الدولي لمحاربة «داعش» في العاصمة الأميركية واشنطن، لمناقشة التحديات التي يواجهها الحلف، وسبل استمرار محاربة تنظيم داعش الإرهابي، بعد مقتل زعيمه أبو بكرا لبغدادي، والخريطة الميدانية الجديدة في مناطق شمال شرق سوريا في أعقاب الهجوم التركي، ودخول القوات الروسية والحكومية سورية إلى تلك المنطقة، بعد إخلاء القوات الأمريكية قواعدها عسكرية في تلك المنطقة وانحسارها حول حقول النفط. فما الذي ينتظر التحالف؟.
الخريطة الميدانية الجديدة في شمال شرق سوريا والتي أفرزها الهجوم التركي أبرز تحديات التحالف الدولي
أفرز قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من شمال شرق سوريا، وفيما بعد تحديد مهامها بحماية حقول النفط في تلك المنطقة، جملة معطيات ميدانية جديدة، تمثلت بتوزيع النفوذ والسيطرة في شرق الفرات بين قوى متعددة. هذا القرار الأمريكي جاء مناقضاً لما توصل إليه التحالف الدولي لمحاربة “داعش” في اجتماعهم السابق بباريس في حزيران/يونيو الماضي، والذي خلص إلى ضرورة بقاء القوات العسكرية التابعة للتحالف شرق المتوسط لتوفير الدعم اللازم لحلفائه على الأرض. إلا أن هذا الالتزام أصبح على المحك مع قرار الولايات المتحدة سحب قواتها والتخلي عن قوات سوريا الديمقراطية التي كانت رأس الحربة التي قضت على دولة “داعش”
التدخل العسكري التركي وسيطرته على أجزاء من شمال شرق سوريا التي كانت تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى تقدم القوات الروسية وأخرى حكومية سورية باتفاق مع قسد ـ المنشغلة عن “تنظيم داعش” الإرهابي بصد الهجوم التركي عليها، خلق واقعاً جديداً في “شرق الفرات” أربك الدول الأعضاء في التحالف الدولي لمحاربة “داعش” ، هذا الإرباك نابع من مصير عمل هذه الدول في شمال وشرق سوريا والمنظمات غير الحكومية العاملة فيها، بغياب القيادة الأمريكية؛ لجهة توفير الأمن.
وفضلاً عن هذه المعطيات الجديدة، فإن مقتل زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي، دفع التحالف للبحث عن أفضل السبل لمواصلة جهودها في هزيمة التنظيم الإرهابي. فالتجارب السابقة لهذه الدول مع التنظيمات المتطرفة، لا تنسيها أنه سرعان ما تتحول هذه التنظيمات إلى “أكثر خطورة” لاسيما مع فرار العديد من قادة داعش وعناصره إلى ملاذات وجيوب أخرى داخل سوريا والعراق، فضلاً عن فروع “داعش” في أفريقيا وآسيا.
ما الذي أنجزه التحالف الدولي وشركائه لمحاربة “داعش”
تشكل التحالف الدولي لمحاربة “داعش” في أيلول/سبتمبر 2014 عقب سيطرة “داعش” على مساحات واسعة في سوريا والعراق، وارتكابها مجازر جماعية طالت أقليات دينية وإثنية وعرقية في البلدين. وضم التحالف بداية 11 دولة، وسرعان ما توسع ليصل عدد الدول الأعضاء فيها إلى أكثر من 75 دولة.
كما شكلت قوات سوريا الديمقراطية و”البشمركة” الكردية في العراق الشريكين المحليين الأساسيين للتحالف الذي قاده الولايات المتحدة الأمريكية التي قدمت الدعم الأكبر لهذه القوات، فيما ساهمت الدول الأخرى في جهود محاربة داعش، من خلال شن غارات جوية، والتدريب العسكري وتوفير المعدات والمعلومات الاستخباراتية، ومن بين هذه الدول فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، كندا، استراليا وهولندا، فضلاً عن دول عربية كالسعودية والإمارات.
وبحلول آذار /مارس 2019 تمكّنت قوات سوريا الديمقراطية من استعادة جميع أراضي التنظيم الإرهابي في سوريا، سبق ذلك انتزاع السيطرة على الأراضي من “داعش” في العراق من قبل الجيش العراقي “قوات البشمركة” الكردية، فيما أثمر استمرار التعاون مع هذه القوات المحلية إلى قتل زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي.
تحديات وقضايا اجتماع دول التحالف في واشنطن
يشكل الواقع الميداني الجديد في شمال شرق سوريا، الذي أحدثه الانسحاب الأمريكي، أحد أبرز التحديات التي تواجه التحالف؛ لجهة عدم الاستقرار الذي خلقه الهجوم التركي على أهم شريك للتحالف على الأرض، قوت سوريا الديمقراطية، وما أعقبه من اتفاقات عسكرية بين قسد والقوات الحكومية السورية، حلت بموجبه القوات الروسية والحكومية السورية مكان القوات الأمريكية المنسحبة، ما أفقد التحالف أهم قاعدة لوجستية لعملياته وجهوده لمحاربة “داعش”
كما أن آلاف المعتقلين من عناصر “داعش” في محتجزات قوات سوريا الديمقراطية ومنعهم من الهروب، تعتبر قضية ملحة على جدول أعمال الاجتماع، وبالتالي كيفية دعم قسد للاستمرار في احتجاز عناصر داعش مع انسحاب القوات الأمريكية ودخول القوات التركية والحكومية السورية إلى تلك المنطقة. لا سيما أن هناك حوالي 2000 مقاتل داعشي أجنبي من بين حوالي 12 ألف محتجز في شمال شرق سوريا.
ورغم أن مسألة المقاتلين الأجانب ومسألة عودتهم إلى بلدانهم تشكل قضية شائكة، إلا أن الأكثر خطورة هو مصير بقية المقاتلين، فمعظم المحتجزين من عناصر “داعش” البالغ عددهم 12 ألفا هم سوريون وعراقيون، وقد يتمكنون من الفرار وإعادة تنظيم صفوفهم؛ كما حصل في العراق، بغياب المتابعة المستمرة ودعم القوات التي تحتجزهم وتوفير سبل محاكمتهم، وسط مطالبات بمحاكمة دولية مخصصة لهؤلاء، على غرار المحكمة الجنائية ليوغسلافيا.
مصير “التحالف الدولي” في ظل تراجع القيادة الأمريكية
إضافة إلى التحديات والقضايا آنفة الذكر فإن مستقبل التحالف بحد ذاته محل نقاش، في ظل السلوك الأمريكي الأخير بالانسحاب غير المنسق مع بقية الأعضاء، وبالتالي سيكون من الصعب على القيادة الأمريكية أن تقنع بقية الأعضاء بأي مقترحات جديدة، حول إرسال قوات إضافية أو القيام بأعمال لوجستية، مع تنامي الشعور لدى دول الأعضاء بالتخلي الأمريكي عن الحلفاء فجأة، وسيجبرهم التعامل مع تعزيز مكانة روسيا في المنطقة.
إلا أن خبراء يرجحون أن يتوصل التحالف إلى خلاصة أن لا مفر من استمرار جهود محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي وتعزيز مكانة الدول الأعضاء في التحالف كضرورة تفرضها الوقائع المتسارعة في الشرق المتوسط، والمتمثل بتمدد النفوذ الروسي.
إعداد: رزان أيوبي