دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

“المنطقة الآمنة”.. حلم أردوغان المتجدد والشمال قد يصبح في مهب الريح !

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ عام 2012، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحلم بإقامة “منطقة آمنة” على الأراضي السورية، لكن المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأمريكية وقتها وغيرها التي تلاحقت لم تكن تعطي أهمية لذلك، ولذلك فإن الكثيرين حينها لم يسمعوا بهذا المصطلح. كما أن تركيا حينها لم يكن لها هذا الثقل الكبير في الملف السوري كما هو الحال اليوم وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها.

بعد 2012 .. ماذا غيرت تركيا بسياساتها تجاه سوريا

عدم الاكتراث الدولي بالمطالب والسياسات التركية التي أرادت تطبيقها في سوريا، جلعت الأخيرة تعمل على ما يبدو في الخفاء دون التنسيق مع أي جهة، فكانت الحدود التركية تفتح على مصراعيها أمام الجماعات المسلحة الأجنبية القادمة من شتى أنحاء العالم للقتال في سوريا تحت مسميات عديدة منها “الجهاد”، كما أن أنقرة قدمت كامل التسهيلات لمرور هؤلاء مع تقديم كافة أشكال الدعم لهم وفي كثير من المرات كانت القوات التركية المسلحة تتدخل لمساندة تلك الجماعات في العمليات العسكرية.

ومن ثم فتحت أنقرة أبوابها للاجئين السوريين للقدوم إلى أراضيها، ولكن ليس محبة بهم، بل لأن السنوات التي ستلي ذلك سيكونون ورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والعالم أيضاً.

وتقول تركيا أنها اليوم تستضيف ما يقارب الـ4 ملايين لاجئ سوري، وسط شكوك كبيرة حول جدية هذه الأرقام، وأن أنقرة تزيد من أعداد اللاجئين للحصول على المنح المالية بمليارات الدولارات.

ترامب أحيا لأردوغان مشروعه في سوريا

ولا يختلف اثنان أن من ساعد الرئيس التركي على فتح ملف “المنطقة الآمنة” هو الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والذي سمح لأنقرة بين ليلة وضحاها في 2019 بشن عمليات عسكرية في المناطق الشمالية الشرقية من سوريا وتوسيع رقعة سيطرتها شمال البلاد تحت هذا البند. كما سبق هذه العمليات عمليات عسكرية أخرى كانت نتيجة اتفاقات وصفقات مع روسيا والحكومة السورية مقابل سيطرة الأخيرة على مناطق الداخل وانسحاب فصائل المعارضة منها.

الحديث عن “المنطقة الآمنة” لماذا الآن ؟

مؤخراً عادت أنقرة إلى الحديث عن “المنطقة الآمنة” ولكن هذه المرة من منطلق قوة، فأنقرة بات لها ثقلها في الملف السوري، والمجتمع الدولي يدرك أن أي تطور يحصل في سوريا يجب أن توافق عليه أنقرة أيضاً، إضافة لذلك كله فإن أردوغان يملك أوراق ضغط تمكنه من إقناع العالم وأوروبا بالموافقة على سياساته في سوريا من عمليات عسكرية جديدة وتوطين لاجئين والحصول على أموال جديدة والدعم الكامل لتطبيق ذلك.

ولعل السائل يسأل إن لتركيا كل هذه القوة والحضور في الملف السوري؟ – الجواب يكون “استغلال ورقة اللاجئين وفتح الأبواب أمامهم للمرور إلى أوروبا”، وبالطبع الكثير من المحللين السياسيين والمتابعين يدركون جيداً أن هذه الورقة ما هي إلا إحدى أوراق الضغط التركية على المجتمع الدولي وليست كلها.

منظمات سورية تحذر من “المشروع التركي”

تزامن حديث الرئيس التركي عن إعادة مليون لاجئ سوري إلى بلادهم مع انطلاق مؤتمر المانحين لسوريا المنعقد في بروكسل والذي دعا إليه الاتحاد الأوروبي، زرع الخوف في نفوس السوريين من مؤامرة تركية تحاك ضد بلدهم ووحدته، وعليه حذرت 45 منظمة وجمعية وفعالية مدنية وصحفية ومجتمعية سورية من انجرار الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وراء الألاعيب التركية، مشددين على أن مليون لاجئ سوري في تركيا الذين سيعيدهم أردوغان سيستوطنون في مناطق تم تهجير أهلها منها وتطهيرها من السكان الأصليين.

حيث أن المناطق المستهدفة التي من المفترض أن يتم بناء مستوطنات فيها تقع في أرياف الحسكة والرقة وحلب وهي مناطق كردية خالصة، سيطرت عليها تركيا في أوقات سابقة نتيجة عمليات عسكرية وبحجة “أمنها القومي”.

الخطر الأكبر على سوريا بحسب محللين سياسيين سيكون في حال قبول الأمم المتحدة وأوروبا مشاركة تركيا بهذا المشروع، حيث سيكتسب الدرجة القانونية أممياً ودولياً، مشيرين إلى أنه بذلك فإن “الاحتلال التركي للأراضي السورية” سيكون قانونياً بموافقة الأمم المتحدة وأوروبا وسيتكرر سيناريو لواء اسكندرون من جديد.

“المشروع التركي” أهدافه الداخلية

“المشروع التركي الجديد في سوريا” له أهداف أخرى بالنسبة للرئيس التركي وحزبه، حيث وبعد انهيار شعبية “العدالة والتنمية” والاستقالات بالجملة التي حصلت على مستوى البلاد وخسارته للانتخابات البلدية، يسعى أردوغان للملمة ما يمكن لملمته قبيل الانتخابات الرئاسية العام القادم، وربط الحصول على صوت الناخب التركي بحل أزمة اللاجئين السوريين، خاصة وأن الشعب التركي في الآونة الأخيرة بات لا يطيق تواجد السوريين على أراضيه حيث يتم تحميلهم مسؤولية الانهيار الاقتصادي والأوضاع الصعبة التي تعيشها البلاد.

والأيام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بأن تؤكد كيف سيكون المشهد في الملف السوري، وهل ستنجح أنقرة في مساعيها الجديدة، أم أن العالم سيكون له رأي آخر ؟.

إعداد: علي إبراهيم