دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

التمرس والتمترس بأبعاده العقلانية والوطنية …

معظمنا في منطقتنا نعتمد على غيرنا في معالجة مشاكلنا، نعيش على الماضي، نتقاتل حول الحاضر، ونضيق الخناق على المستقبل ولا نرسمه بأيادينا ، مما يؤدي الى تهميش قضايانا والعبث في مقدراتنا ،. نحتاج بداية جديدة نكون فيها مصدر للعلم و المعرفة والكفاءة حتى نتحول إلى شركاء نملك أدوات القوة وأسباب التقدم ، ونشارك الانسانية رخاءها بالتعاون البّناء .

الزمن متحرك وغير ثابت والمستقبل غير مضمون إن لم نتفاعل ونتحرك حسب معطياته وواقعه ، علينا تفريغ الشحنات السلبية فكرياً و جسدياً بالتأثر من الطبيعة والفن والجمال ، التي تغذي الروح للتصالح مع الذات ومع الآخرين ، فالقوة النابذة للتطور البشري تلقي كل المتمترسين ممن لا يلتحق بركب هذا التطور خارج دائرة الانسان وحقوقه في التقدم والرفاه .

علينا ألا نعود الى مفهوم الدولة قبل الوطنية التي قد تكون محاصصة بمختلف التسميات التي شكلت النسيج الاجتماعي لمعظم دول المنطقة ، انطلاقاً من تعزيز ثقافة المواطنة و شرعة حقوق الانسان ، وصولا لمفهوم الوحدة والاستقرار ضمن البلد الواحد .

وذلك بالابتعاد عن المنافسة السلبية والتوجه نحو الايجابية في التعاطي بالقضايا الوطنية وأن نستوعب الجميع دون استثناء ، فالوقت للمعالجة والنهوض ، واستمرار نهج التمرس بالعمل دون تطوير الأداء مع الادعاء بالمعرفة أخطر من الجهل رغم مخاطره ، في غياب التغيير الحقيقي في فضاء الأمل ، حيث تتمترس الأفكار وتتكلس خلف أوهام تجاوزها الزمن وحضارات قضت عليها حواجز اللاعقلانية مبتعدة عن الحكمة والعلم .

في حاضرنا الحالي يتعرض الأمن المائي العربي لأخطار جسيمة ، فقرار إثيوبيا ملىء البحيرة في سد النهضة دون التوافق مع دول النيل، يهدف الى إرباك مصر وشل إرادتها ويُعرض السودان لكوارث الفيضان في حال انهيار السد ، كذلك تفعل تركيا عبر احتجاز مياه اضافية من الفرات لزيادة الضغط على سورية والعراق ، في الوقت الذي تتم فيه ممارسات خطيرة لإعادة رسم خرائط جديدة للمنطقة محورها ومحركها إسرائيل!

مصادر فلسطينية رفيعة صرحت أن عشرات الزعماء من عواصم العالم اتصلت بالرئيس الفلسطيني لمنع تداعيات الضمّ ومنع حلّ السلطة .

ونؤكد هنا أن لا سلام مع الاحتلال لأي أراضٍ محتلة ، ولتحقيق السلام يتوجب عودة جميع الاراضي المحتلة الى أصحابها وعودة السيادة الوطنية وتطبيق القرارات الاممية والمعاهدات الدولية بهذا الخصوص .

وفِي تصريح للرئيس الروسي بوتين قائلاً ، نفهم التحديات التي يواجهها الكوكب اليوم وهي تدفعنا لفهم القيم الرئيسية في الحفاظ على الانسان .

في هذا الإطار لعل فحوى استراتيجية الدبلوماسية الروسية وخبرتها في سياسة الشرق الاوسط أن تصل للقدرة على تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة ، جوهره حل الصراع العربي – الاسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية بما ينعكس على الدفع بمسارات الحلول السياسية المحلية والاقليمية المبنية على رؤية لعقد اجتماعي متوازن يحقق تمسك المواطنين بأوطانهم ( سورية- العراق – اليمن – ليبيا ..) ودول قوية قادرة على تحقيق الاستقرار والسلام والنهوض بمهام التنمية .

لا شك في أن الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة هي الشكل الأمثل والملائم في دول المنطقة ، بسبب التنوع القومي والديني …لأنها تتوافق مع العصر والعالم، وتمارس دورًا وظيفيًا محايدًا بوقوفها على مسافة واحدة من جميع الأديان والطوائف والقوميات والأيديولوجيات والأحزاب والطبقات، وتعزز الحريات وعمل المجتمع المدني ، وتقوم بالفصل وعدم التداخل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وان يتم فصل السلطة التشريعية بمجلسي النواب ( النخب .. )والحكماء ( باقي الفئات المجتمعية ) منتخبة بشفافية من الشعب وفق قانون انتخابات حديث يحقق النزاهة والمساواة .. لممارسة دورهم الحقيقي في تشريع القوانين والرقابة على عمل السلطة التنفيذية ، والتنسيق مع السلطة القضائية المستقلة لموائمة القوانين مع الدستور وتحديثها لتتواكب مع التطور والحداثة .

‏إن الأعباء التي ترزح تحتها معظم دول المنطقة ، ( السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية ) ، أصبحت عميقة ومعقدة ، أعتقد انه آن الأوان لاتخاذ القرارات الجريئة، على مختلف الصعد باستراتيجية جامعة شاملة تعيد تحديد شكل الدولة وهويتها مع تعيين نسق روابط جديدة بين الفرد والسلطة و المجتمع والدولة .

جهات إقليمية ودولية تشدد على الحل السياسي بوصفه المخرج الوحيد لوقف الصراعات المحلية والاقليمية بالمنطقة ، وفي ظل هذه التطورات، شدد المشاركون في المؤتمر الرابع للمانحين لسوريا في بروكسل 30 يونيو / حزيران، على أن الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة والحد من معاناة السوريين، مشيرين إلى أن زيادة التدخلات الأجنبية في الصراع السوري فاقم كثيراً من الأمور، وخاصة على الصعيد الإنساني.

وقالت الأمم المتحدة ان الدول المانحة ساهمت بـ 7.7 مليار دولار كمساعدات للشعب السوري، ومن شأن الأموال الموعودة أن تتيح مساعدة نحو 12 مليون سوري لجأوا إلى دول مجاورة او نزحوا داخل بلادهم، وفق المفوضية العليا للاجئين.

كما أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، “جيمس جيفري ” أن الولايات المتحدة تتواصل أحياناً مع روسيا حول مسألة التسوية في سوريا، لكنها لا تعتبر “صيغة أستانا” فعالة.

وقال جيفري خلال مؤتمر صحفي عبر الهاتف “كثيراً ما نجري مناقشات مع روسيا بشأن السبل الممكنة لإنهاء الصراع، لكننا لا نتواصل مع (مجموعة أستانا) ككل، وبالطبع ليس لدينا أي علاقة عمل أو تواصل مع إيران”.

بدوره أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، أن لجنة مناقشة الدستور ستجتمع في جنيف نهاية آب/ أغسطس المقبل.

وقال بيدرسن في كلمة ألقاها خلال “مؤتمر بروكسل للمانحين الدوليين للاجئين والمهجرين السوريين” الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الأمم المتحدة، “ستجتمع اللجنة في جنيف في نهاية آب/ أغسطس، وأتمنى أن تجتمع بشكل منتظم ودوري”.

وخلال البيان الختامي لقمة ضامني آستانة يوم الاربعاء1 يوليو / تموز التي جمعت رؤساء (روسيا وإيران وتركيا) عبر تقنية الفيديو (الكونفرانس)، قالت تلك الأطراف “أن الدول الضامنة ستواصل جهودها لإيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا”.

وبحسب بيانهم جددت الأطراف “التزامها بوحدة واستقلال وسيادة وسلامة الأراضي السورية ورفض أي محاولات لبناء واقع جديد في سورية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب”.

وسبق أن أكد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني على مواصلة بلديهما دعم سوريا في حربها على الإرهاب حتى دحره نهائياً مشددين في الوقت ذاته على أنه لا بديل من الحل السياسي للازمة فيها. وأضاف الرئيس بوتين، أن العقوبات الغربية والأمريكية تنتهك القوانين الدولية .

 

إن تعزيز الاستقرار ومتطلبات العمل السياسي المتغيرة يستدعي التفاعل بالعلاقات الدولية وتحسينها وتوسيع دائرتها عبر آليات التوازن والمصالح المشتركة ( جيو اقتصادية – توازن القوى – المنظور المستقبلي – توجهات واقعية المبادرة والتطوير – ثقافة الانفتاح على العالم …) بما يساهم في تمكين دولة قوية قادرة على ارساء سيادتها وفق القانون الدولي وقواعده الناظمة .

إن النظرة العقلانية للمستقبل يستدعينا الى تصويب البوصلة نحو برنامج وطني جامع يحافظ على وحدة سورية وسيادتها واستقلالها من الاحتلال والارهاب ، ويكون الشعب هو مصدر السلطات لدولة المواطنة والمساواة وسيادة القانون .

ينبغي العمل الجاد لإيجاد مخرج آمن ومرن يلبي طموحات الشعب السوري ويتوافق مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يحظى بقبول اقليمي – دولي ووافقت السلطة السورية عليه ، وبالتعاون مع كل السوريين متعددي الطيف في الداخل والخارج الذين يؤمنون بالحفاظ على سورية بكافة مقوماتها الجغرافية والمجتمعية والسيكولوجية ، ومكوناتها الاثنية التي شكلت حضارتها ونسيجها الاجتماعي على مر الزمان . وصولاً الى وطن يتسع لجميع ابناءه يتمتعون فيه بالحرية والديموقراطية والرخاء .

وبما يعزز السلم الاهلي والعدالة وتكافؤ الفرص والتنمية المستدامة والمتوازنة للحد من التخلف والجهل والفقر وتوزيع الثروة بعدالة والتي تعتبر وتشكل أهم حوامل التماسك الاجتماعي ، تضمن بقاء الانسان واستمراره وتأمين الحياة الكريمة لكل فرد باعتباره اللبنة الأولى لبناء مجتمع آمن ، والوصول الى الامن والسلام المستدام.

باسل كويفي رئيس الكتلة الوطنية الديموقراطية المعارضة في سوريا – أوغاريت بوست
المقالة تعبر عن راي الكاتب